متفق، وهو مُشَاهَد فيما يوجد من أجنة الحيوان، وهو الذي تقتضيه الخلقة، واستواء الصورة، ثم يكون للملك فيه تصور آخر، وهو وقت نفخ الروح فيه، حين يكمل له أربعة أشهر، كما اتفق عليه العلماء أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة اشهر. انتهى ملخصًا.

وقد بسطه ابن الصلاح في "فتاويه"، فقال: ما مُلَخَّصه: أعرض البخاري عن حديث حُذيفة بن أَسيد إما لكونه من رواية أبي الطفيل عنه، وإما لكونه لم يره ملتئما مع حديث ابن مسعود، وحديثُ ابن مسعود لا شك في صحته، وأما مسلم فأخرجهما معًا، فاحتجنا إلى وجه الجمع بينهما، بأن يُحمَل إرسال الملك على التعدد، فمرة في ابتداء الأربعين الثانية، وأخرى في انتهاء الأربعين الثالثة لنفخ الروح، وأما قوله في حديث حذيفة في ابتداء الأربعين الثانية: "فصوّرها"، فان ظاهر حديث ابن مسعود أن التصوير إنما يقع بعد أن تصير مُضغة، فيحمل الأول على أن المراد أنه يصورها لفظًا وكَتْبًا لا فعلًا، أي يذكر كيفية تصويرها ويكتبها، بدليل أن جعلها ذكرا أو أنثى إنما يكون عند المضغة.

قال الحافظ: وقد نوزع في أن التصوير حقيقةً إنما يقع في الأربعين الثالثة، بأنه شوهد في كثير من الأجنة التصوير في الأربعين الثانية، وتمييز الذكر على الأنثى، فعلى هذا فيحتمل أن يقال: أول ما يبتدي به الملك تصوير ذلك لفظًا وكَتْبًا، ثم يشرع فيه فعلًا عند استكمال العَلَقة، ففي بعض الأجنة يتقدم ذلك، وفي بعضها يتأخر، ولكن بقي في حديث حُذيفة بن أسيد أنه ذكر العظم واللحم، وذلك لا يكون إلا بعد أربعين العلقةِ، فيقوى ما قال عياض ومن تبعه.

وقال بعضهم: يحتمل أن يكون الملك عند انتهاء الأربعين الأولى يَقْسِم النطفة إذا صارت عَلَقَة إلى أجزاء بحسب الأعضاء، أو يَقسِم بعضها إلى جلد، وبعضها إلى لحم، وبعضها إلى عظم، فيقدر ذلك كله قبل وجوده، ثم يتهيأ ذلك في آخر الأربعين الثانية، ويتكامل في الأربعين الثالثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015