وَمَا بَانَ مِنْ حَقٍّ فَلاَ تَتْرُكنَّهُ ... وَلَا تَعْصِ مَنْ يَدْعُو لأَقْوَمِ شِرْعَةِ
وَدَعْ دِينَ ذَا الْعَادَاتِ لَا تَتْبَعَنَّهُ ... وَعُجْ عَنْ سَبِيلِ الأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ
وَمَنْ ضَلَّ عَنْ حَقٍّ فَلَا تَقْفُوَنَّهُ ... وَزِنْ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ بِالْمَعْدِلِيَّةِ
هُنَالِكَ تَبْدُو طَالِعَاتٌ مِنَ الْهُدَى ... تُبَشِّرُ مَنْ قَدْ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ
بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ذَاكَ إِمَامُنَا ... وَدينِ رَسُولِ اللهِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ
فَلاَ يَقْبَلُ الرَّحْمَنُ دِينًا سِوَى الَّذِي ... بِهِ جَاءَتِ الرُّسْلُ الْكِرَامُ السَّجِيَّةِ
وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَاشِرُ الْخَاتِمُ الَّذِي ... حَوَى كُلَّ خَيْرٍ في عُمُومِ الرِّسَالَةِ
وَأَخْبَرَ عَنْ رَبِّ الْعِبَادِ بِأَنَّ مَنْ ... غَدَا عَنْهُ في الأُخْرَى بِأَقْبَح خَيْبَةِ
فَهَذِي دَلَالَاتُ الْعِبَادِ لِحَائِرٍ ... وَأَمَّا هُدَاهُ فَهْوَ فِعْلُ الرُّبُوبَةِ
وَفَقْدُ الْهُدَى عِنْدَ الْوَرَى لَا يُفِيدُ مَنْ ... غَدا عَنْهُ بَلْ يُجْزَى بِلَا وَجْهِ حُجَّةِ
وَحُجَّةُ مُحْتَجٍّ بِتَقْدِيرِ رَبِّهِ ... تَزِيدُ عَذَابًا كَاحْتِجَاجِ مَرِيضَةِ
وَأَمَّا رِضَانَا بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا ... أُمِرْنَا بِأَنْ نَرْضَى بِمِثْلِ المُصِيبَةِ
كَسُقْمِ وَفَقْرٍ ثُمَّ ذُلٍّ وَغُرْبَةٍ ... وَمَا كَانَ مِنْ مُؤْذٍ بِدُونِ جَرِيمَةِ
فَأَمَّا الأَفَاعِيلُ الَّتِي كُرِهَتْ لنَا ... فَلَا نَرْتَضِي مَسْخُوطَةً لمِشِيئَةِ
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أُولِي الْعِلْم لَا رِضَا ... بِفِعْلِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ
وَقَالَ فَرِيقٌ نَرْتَضِي بِقَضَائِهِ ... وَلَا نَرْتَضِي المقْضِيَّ أَقْبَحِ خَصْلَةِ
وَقَالَ فَرِيقٌ نَرْتَضِي بِإِضَافَةٍ ... إِلَيْهِ وَمَا فِينَا فَنَلْقَى بِسَخْطَةِ
كَمَا أَنَّهَا لِلرَّبِّ خَلْقٌ وَأَنَّهَا ... لمِخْلُوقِهِ لَيْسَتْ كَفِعْلِ الْغَرِيزَةِ
فَنَرْضَى مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَلْقُهُ ... وَنَسْخَطُ مِنْ وَجْهِ اكْتِسَابِ الْخَطِيئَةِ
وَمَعْصِيَةُ الْعَبْدِ المكَلَّفِ تَرْكُهُ ... لِمَا أَمَرَ الْمَوْلَى وِإِنْ بِمَشِيئَةِ
فَإِنَّ إِلَهَ الْخَلْقِ حَقٌّ مَقَالُهُ ... بِأَنَّ الْعِبَادَ في جَحِيمِ وَجَنَّةِ