8 - (ومنها): أن في إفشائه رياضةَ النفس، ولزومَ التواضع، وإعظامَ حرمات المسلمين، وقد ذكر البخاري رحمه الله في "صحيحه" عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه قال: "ثلاثٌ من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار"، وروى غير البخاريّ هذا الكلام مرفوعًا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وبذلُ السلام للعالم، والسلامُ على من عرفت ومن لم تعرف، وإفشاءُ السلام كلها بمعنى واحد. قاله النوويّ رحمه الله تعالى (?).

وفيها لطيفة أخرى، وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء، وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به. انتهى كلام النوويّ (?)، وهو كلام نفيس، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتَّصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:

69 - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، (ح) وحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ").

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

1 - (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْر) الْهَمْدانيّ الكوفيّ الحافظ الثبت [10] 1/ 4.

2 - (هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ) السلميّ الدمشقيّ الخطيب، صدوق مقرىء، كبر، فتلقّن، فحديثه القديم أصحّ، من كبار [10] 1/ 5.

3 - (حَدَّثَنَا عَفَّانُ) بن مسلم بن عبد الله الباهليّ، أبو عثمان الصفّار البصريّ، مولى عزرة بن ثابت الأنصاري سكن بغداد، ثقة ثبت ربما وهم، من كبار [10].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015