15 - (ومنها): أن فيه إطلاق الرب على السيد المالك، لكن قد ورد النهي عن ذلك، وقد أجيب عن ذلك، قال في "الفتح": يُجمَع بين ما في هذا الحديث، من إطلاق الرب على السيد المالك، في قوله: "ربها"، وبين ما في الحديث الآخر، وهو في "الصحيح": "لا يَقُل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّىء ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي، ومولاي"، بأن اللفظ هنا خرج على سبيل المبالغة، أو المراد بالرب هنا المربي، وفي المنهي عنه السيد، أو أن النهي عنه متأخر، أو مختص بغير الرسول -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (?).
16 - (ومنها): ما قاله القرطبي رحمه الله تعالى: مقصود هذا السؤال كَفُّ السامعين عن السؤال، عن وقت الساعة؛ لأنهم قد أكثروا السؤال عنها، كما ورد في كثير من الآيات، والأحاديث، فلما حصل الجواب بما ذُكر هنا، حصل اليأس من معرفتها، بخلاف الأسئلة الماضية، فإن المراد بها استخراج الأجوبة، ليتعلمها السامعون، ويعملوا بها، ونبه بهذه الأسئلة على تفصيل ما يمكن معرفته، مما لا يمكن.
17 - (ومنها): ما قاله ابن المُنَيِّر رحمه الله تعالى: في قوله: "يعلمكم دينكم"، دلالة على أن السؤال الحسن، يُسَمَّى علمًا، وتعليمًا؛ لأن جبريل عليه السلام لم يصدر منه سوى السؤال، ومع ذلك فقد سماه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- معلما، وقد اشتهر قولهم: حُسنُ السؤال نصف العلم، ويمكن أن يؤخذ من هذا الحديث؛ لأن الفائدة فيه انبنت على السؤال والجواب معا.
18 - (ومنها): ما قاله القرطبي رحمه الله تعالى: هذا الحديث يصلح، أن يقال له: أم السنة؛ لما تضمنه من جُمَل علم السنة، كما سُمّيت الفاتحة أم الكتاب؛ لِمَا تضمّنته من جُمل معاني القرآن. وقال الطيبي: لهذه النكتة استفتح به البغوي، كتابيه "المصابيح"، و"شرح السنة"؛ اقتداء بالقرآن في افتتاحه بالفاتحة؛ لأنها تضمنت علوم القرآن إجمالا.
وقال القاضي عياض قد اشتمل هذا الحديث، على جميع وظائف العبادات، الظاهرة والباطنة، من عقود الإيمان، ابتداء، وحالا، ومآلا، ومن أعمال الجوارح، ومن