الصوم، وفي حديث أبي عامر ذَكَر الصلاة، والزكاة حسب، ولم يذكر في حديث ابن عباس مزيدا على الشهادتين، وذَكَر سليمان التيمي في روايته الجميع، وزاد بعد قوله: "وتحج": "وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتمم الوضوء"، وقال مطر الوراق في روايته: "وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة"، قال: فذكر عُرَى الإسلام، فتبين ما قلناه: إن بعض الرواة ضبط ما لم يضبطه غيره. انتهى "فتح" 1/ 163 - 164.
(قَالَ) الرجل السائل (صَدَقْتَ) أي فيما أخبرتني به من أركان الإسلام (فَعَجِبْنَا مِنْهُ) ولفظ مسلم: "له"، وللنسائيّ: "إليه" (يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ) أي يسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن أركان الإسلام كأنه جاهل، ثم يصدّق ما أجاب به كأنه عالم. وفي حديث أبي هريرة، وأبي ذرّ "فلما سمعنا قول الرجل: صدقت أنكرناه"، وفي رواية مطر الوراق: "انظروا إليه كيف يسأله، وانظروا إليه كيف يصدقه"، وفي حديث أنس: "انظروا وهو يسأله، وهو يصدقه، كأنه أعلم منه"، وفي رواية سليمان بن بريدة قال القوم: "ما رأينا رجلًا مثل هذا، كأنه يُعَلِّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول له: صدقت صدقت".
قال القرطبي: إنما عجبوا من ذلك؛ لأن ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يُعرَف إلا من جهته، وليس هذا السائل ممن عُرف بلقاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا بالسماع منه، ثم هو يسأل سؤال عارف، محقّق مصدّق؛ فتعجبوا من ذلك، تعجب المستبعد لأن يكون أحد يعرف تلك الأمور المسؤول عنها من غير جهة النبيّ. انتهى (?).
(ثُمَّ قَالَ) الرجل (يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ؟) وفي رواية: "أخبرني عن الإيمان" (قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّه) قال أبو العباس القرطبيّ رحمه الله: الإيمان بالله: هو التصديق بوجوده، وأنه لا يجوز عليه العدم، وأنه تعالى موصوفٌ بصفات الجلال والكمال، من العلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر، والحياة، والرضا، والمحبّة، وغيرها، وأنه منزّه عن صفات النقص التي هي أضداد تلك الصفات، وعن صفات الأجسام،