أصناف: مؤمنٌ به، وكافرٌ به مظهر الكفر، ومنافقٌ مستخف بالكفر، ولهذا ذكر الله هذه الأصناف الثلاثة في أول سورة البقرة، ذكر أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتين في الكفّار، وبضع عشرة آيةً في المنافقين، وقد ذكر الله الكفّار والمنافقين في غير موضع من القرآن، كقوله تعالى: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: 1].

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]، وقوله: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحديد: 15]، وعطفهم على الكفّار ليميّزهم عنهم بإظهار الإسلام، وإلا فهم في الباطن شرّ من الكفّار، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ في الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]، وكما قال: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [التوبة: 84]، وكما قال: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 53 - 54].

وإذا كان كذلك فأهل البدع فيهم المنافق الزنديق فهذا كافر، ويكثر هذا في الروافض والجهميّة، فإن رؤساءهم كانوا منافقين زنادقة، وأول من ابتدع الرفض كان منافقًا، وكذلك التجهّم، فإن أصله زندقة ونفاق، ولهذا كان الزنادقة المنافقون من القرامطة الباطنيّة المتفلسفة، وأمثالهم يميلون إلى الرافضة والجهمية لقربهم منهم.

ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنا وظاهرًا، لكن فيه جهل وظلم حتى أخطأ ما أخطأ من السنة، فهذا ليس بكافر ولا منافق، ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقًا أو عاصيًا، وقد يكون مخطئًا متأولًا مغفورًا له خطؤه، وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، فهذا أحد الأصلين.

[والأصل الثاني]: أن المقالة تكون كفرًا، كجحد وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحجّ، وتحليل الزنا والخمر والميسر، ونكاح ذوات المحارم، ثم القائل بها قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015