والضلال والتفرّق.

وبهذا يتبيّن أن أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة الذين ليس لهم متبوع يتعصّبون له إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها، واتّباعها، تصديقًا، وعملًا، وحبّا، وموالاةً لمن والاها، ومعاداةً لمن عاداها، الذين يروون (?) المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة، ويجعلونها من أصول دينهم، وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بل يجعلون ما بُعث به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه، ويعتمدون عليه، وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردّونه إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ويُفسّرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل الفرق والاختلاف، فما كَانَ معانيها موافقًا للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظنّ، وما تَهوَى الأنفس، فإن اتّباع الظنّ جهل، واتّباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم، وجماعُ الشرّ الجهل والظلم، قال الله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72] إلى آخر السورة، وذكر التوبة لعلمه سبحانه وتعالى، أنه لا بدّ لكل إنسان من أن يكون فيه جهل وظلم، ثم يتوب الله على من يشاء، فلا يزال العبد المؤمن دائمًا يتبيّن له من الحقّ ما كان جاهلًا به، ويرجع عن عمل كان ظالمًا فيه، وأدناه ظلمه لنفسه، كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الحديد: 9]، وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015