ذكرنا من رواية بشر بن عمرو عنه، فتردد أيضا، لكن يرجح بأنه المتيقن، وما عداه مشكوك فيه، وأما رواية الترمذي بلفظ: "أربع وستون"، فمعلولة، وعلى صحتها لا تخالف رواية البخاري، وترجيحُ روايةِ: "بضع وسبعون"؛ لكونها زيادة ثقة؛ كما ذكره الحلِيمِيّ، ثم عياض، لا يستقيم، إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها، لا سيما مع اتحاد المُخرَج، وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري، وقد رجح ابن الصلاح الأقل؛ لكونه المتيقن. انتهى ما ذكره في "الفتح" (?).

(بَابًا) أي نوعًا، وهكذا وقع عند المصنّف، والترمذيّ بلفظ "بابًا"، ووقع في رواية الشيخين وغيرهما بلفظ: "شعبةً"، وهي بمعناه، و"الشعبة" -بضم، فسكون-: القطعة، والمراد الخصلة، أو الجزء. قاله في "الفتح". وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى في "المفهم": والشعبة في أصلها واحدة الشُّعَب، وهي أغصان الشجرة، وهي بضمّ الشين، فأما شَعب القبائل، فواحدها شَعْب بفتحها. وقال الخليل: الشعب: الاجتماع، والافتراق. وفي "الصحاح": هو من الأضداد، فيراد بالشّعبة في الحديث الخصلة، ويعني أن الإيمان ذو خصال معدودة.

قال: ومقصود هذا الحديث أن الأعمال الشرعيّة تُسمّى إيمانًا على ما ذكرناه آنفًا، وأنها منحصرة في ذلك العدد، غير أن الشرع لم يُعيّن ذلك العدد لنا، ولا فصّله، وقد تكلّف بعض المتأخّرين تعديد ذلك، فتصفّح خصال الشريعة، وعدّدها، حتى انتهى بها في زعمه إلى ذلك العدد، ولا يصحّ له ذلك؛ لأنه يمكن الزيادة على ما ذكر، والنقصان مما ذكر ببيان التداخل، والصحيح ما صار إليه أبو سليمان الصخّابيّ وغيره: أنها منحصرة في علم الله تعالى، وعلم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وموجودة في الشريعة مفصّلة فيها، غير أن الشرع لم يوقفنا على أشخاص تلك الأبواب، ولا عيّن لنا عددها، ولا كيفيّة انقسامها، وذلك لا يضرّنا في علمنا بتفاصيل ما كُلّفنا به من شريعتنا، ولا في عملنا، إذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015