ابن حازم، سمعت الزبير بن سعيد رجلا من بني هاشم، قال: سمعت أشياخنا يحدثون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزال في أمتي من إذا سئل سُدد وأُرشد، حتى يسألوا عما لا ينزل تبيينه، فإذا فعلوا ذلك ذهب بهم ههنا وههنا. وقد رَوَى الصنابحي عن معاوية، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه نهى عن الأغلوطات. أخرجه الإمام أحمد رحمه الله، وفسره الأوزاعي، وقال: هي شداد المسائل. وقال عيسى بن يونس: هي ما لا يُحتاج إليه من كيف وكيف. ويُروَى من حديث ثوبان، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيكون قوم من أمتي يُغَلِّطون فقهاءهم بعضل المسائل، أولئك شرار أمتي". وقال الحسن: شرار عباد الله الذين يتبعون شرار المسائل، يعمون بها عباد الله. وقال الأوزاعي: إن الله إذا أراد أن يحرِم عبده بركة العلم، ألقَى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس علما. وقال ابن وهب عن مالك: أدركت هذه البلدة، وإنهم ليكرهون الإكثار الذي فيه الناس اليوم، يريد المسائل. وقال أيضا: سمعت مالكا، وهو يعيب كثرة الكلام، وكثرة الفتيا، ثم قال: يتكلم كأنه جمل مغتلم، يقول: هو كذا، هو كذا، يهدر في كلامه. وقال: سمعت مالكا يكره الجواب في كثرة المسائل، وقال: قال الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]، فلم يأته في ذلك جواب، فكان مالك يكره المجادلة عن السنن. وقال أيضا الهيثم بن جميل: قلت لمالك: يا أبا عبد الله الوجل يكون عالما بالسنن، يجادل عنها؟ قال: لا، ولكن يخبر بالسنة، فإن قبلت منه، وإلا سكت. قال إسحاق بن عيسى: كان مالك يقول: المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل. وقال وهب: سمعت مالكا يقول: المراء في العلم يقسي القلب، ويورث الضغن. وكان أبو شريح الإسكندراني يوما في مجلسه، فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبكم منذ اليوم، فقوموا إلى أبي حميد خالد بن حميد، صَقِّلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب، فإنها تجدد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، وأقلوا المسائل، إلا ما نزل، فإنها تقسي القلب، وتورث العداوة. وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله -رضي الله عنه -يعني أحمد- يسأل عن مسألة، فقال: وقعت هذه