قال البخاريّ: حدّثنا سُنيد، ثنا يزيد، عن العوّام بن حَوْشَب، عن المسيّب بن رافع قال: كان إذا جاء الشيء من القضاء ليس في الكتاب، ولا في السنّة، سُمَّي صوافي الأمراء (?)، فيرفع إليهم، فجُمع له أهل العلم، فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحقّ (?).
(الرابع من الرأي المحمود): الاجتهاد بالرأي على ضوء الكتاب والسنة، ورأي الصحابة، وذلك يكون بعد طلب علم الواقعة من القرآن، فإن لم يجدها ففي السنة، فإن لم يجدها في السنة، فبما قضى به الخلفاء الراشدون، أو اثنان منهم، أو واحد، فإن لم يجده فبما قاله واحد من الصحابة -رضي الله عنهم-، فإن لم يجده اجتهد رأيه، ونظر إلى أقرب ذلك من كتاب الله، وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأقضية أصحابه -رضي الله عنهم-، فهذا هو الرأي الذي سوّغه الصحابة، واستعملوه، وأقرّ بعضهم بعضًا عليه.
قال عليّ بن الجعد: أنبأنا شعبة عن سيّار، قال: أخذ عمر -رضي الله عنه- فرسًا من رجل على سوم، فحَمَل عليه، فعطِبَ، فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا، فقال الرجل: إني أرضى بشُريح العراقيّ، فقال شريح: أخذته صحيحًا سليمًا، فأنت ضامنٌ حتّى تردّه صحيحًا سليمًا، قال: فكأنه أعجبه، فبعثه قاضيًا، وقال: ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم تستبن في كتاب الله فمن السنّة، فإن لم تجده في السنّة فاجتهد رأيك.
وقال أبو عبيد: ثنا كثير بن هشام، عن جعفر بن بُرْقان، وقال أبو نُعيم: عن جعفر بن بُرقان، عن معمر البصريّ، عن أبي الْعَوّام، وقال سفيان بن عيينة: ثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس، قال: أتيت سعيد بن أبي بُردة، فسألته عن رُسُل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- التي كان يكتب بها إلى أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه-، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بُردة، فأخرج إليه كتُبًا، فرأيت في كتاب منها.