وعن عائشة رضي الله عنها أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخَصْم" (?).
قال: وجميع ما حكينا أنه تعلّق به من أنكر المجادلة، محمولٌ على أنه أريد به الجدال المذموم الذي وصفناه، على أن مالك بن أنس قد بيّنه، وأنه الجدَلُ الذي يُقصد به ردّ ما جاء جبريل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك قولُ الخليل: "ما كان جدَلٌ قطّ إلا أتى بعده جدَلٌ يُبطله"، أراد به الجدال الذي ينصر به الباطل؛ لأن ما تقدّم وكان حقّا لا يأتي بعده شيء يُبطله، وهو في معنى قولِ عمر بن عبد العزيز: "من جَعَل دينه غَرَضًا للخصومات أكثر التنقّل" (?). انتهى كلام الحافظ الخطيب رحمه الله تعالى (?)، وهو كلام نفيس، وبحثٌ أنيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتَّصل إلى الإمام ابن ماجة رحمه الله في أول الكتاب قال:
48 - (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِليٍّ، أَبُو هَاشِمِ بْنِ أَبِي خِدَاشٍ الْمُوْصِليُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا صَدَقَةً، وَلَا حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً، وَلَا جِهَادًا، وَلَا صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا، يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ) بن حفص الْعَسْكَرِيُّ، أبو سهل الدّقّاقُ السَّامَرِيّ، مولى بني هاشم، لقبه بُنَان، صدوقٌ [10].
رَوَى عن أبي معاوية الضرير، وحسين بن علي الجعفي، وكثير بن هشام، ومحمد