غيره، نحوُ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: 82] والمتشابهات نحو: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] يُرجَع فيه إلى قوله جل وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ}، وإلى قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ} [النساء: 48].

قال القرطبيّ: ما قاله النحاس يُبَيِّن ما اختاره ابن عطية، وهو الجاري على وضع اللسان، وذلك أن المحكم اسم مفعول من أُحكِم، والإحكامُ: الإتقانُ، ولا شك في أنّ ما كان واضح المعنى لا إشكال فيه ولا تردد، إنما يكون كذلك لوضوح مفردات كلماته، وإتقان تركيبه، ومتى اختل أحد الأمرين جاء التشابه والإشكال. والله أعلم.

وقال ابن خويزِ مَنْدَاد: للمتشابه وجوه، والذي يه يتعلق به الحكم ما اختَلَفَ فيه العلماء أيُّ الآيتين نسخت الأخرى، كقول علي وابن عباس -رضي الله عنهم- في الحامل المتوفى عنها زوجها: تَعْتَدُّ أقصى الأجلين، فكان عمر وزيد بن ثابت وابن مسعود وغيرهم -رضي الله عنهم- يقولون: وضع الحمل، ويقولون: سورة النساء القُصْرَى نَسَخت أربعةَ أشهُر وعشرًا، وكان علي وابن عباس يقولان: لم تُنسخ. وكاختلافهم في الوصية للوارث، هل نُسخت أم لم تنسخ. وكتعارض الآيتين أيُّهما أولى أن تُقَدَّم إذا لم يُعرَف النسخ، ولم توجد شرائطه، كقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] يَقتضِي الجمع بين الأقارب من ملك اليمين، وقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] يمنع ذلك. ومنه أيضًا تعارض الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتعارض الأقيسة، فذلك المتشابه، وليس من المتشابه أن تقرأ الآية بقراءتين، ويكون الاسم مُحْتَمِلًا أو مُجملًا يَحتاج إلى تفسير؛ لأن الواجب منه قدر ما يتناوله الاسم أو جميعه، والقراءتان كالآيتين يجب العمل بموجبهما جميعًا، كما قريء: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بالفتح والكسر. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015