أي أصله الذي يُرْجَع إليه عند الاشتباه. وقال الطيبيّ رحمه الله: سُمّيت أم الكتاب لأنها بيّنة في نفسها، مبيّنة لما عداها من المتشابهات، فهي كالأصل لهما، كما سُمّيت مكة أم القرى لدحو الأرض منها. انتهى (?) {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تَحتَمِل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد.

وقد اختَلَفوا في المحكم والمتشابه على أقوال، سيأتي بيانها في المسائل إن شاء الله تعالى.

[فائدة]: قوله: إنما تُصرَف "أُخَرُ" لكونها عُدِلت عن الألف واللام؛ لأن أصلها أن تكون صفة بالألف واللام، كالكُبَر والصُّغَر، فلما عُدلت عن مجرى الألف واللام، مُنِعت الصرف. وقال أبو عبيد: لم يَصرفوها؛ لأن واحدها لا يَنصرف في معرفة ولا نكرة. وأنكر ذلك المبرد، وقال: يجب على هذا ألا يَنصرِف غِضَاب وعِطاشٌ. وقال الكسائيّ: لم تنصرف؛ لأنها صفة. وأنكر ذلك المبرد أيضًا، وقال: إن لُبَدًا وحُطَمًا صفتان، وهما منصرفان. وقال سيبويه: لا يجوز أن تكون "أُخَر" معدولة عن الألف واللام؛ لأنها لو كانت معدولة عن الألف واللام لكانت معرفة، ألا ترى أن "سَحَرَ" معرفة في جميع الأقاويل لمَّا كانت معدولةً عن "السَّحَر"، و"أَمْسِ" في قول من قال: ذهب أَمْسِ معدولًا عن "الأمس" فلو كان "أُخَر" معدولا أيضًا عن الألف واللام، لكان معرفةً، وقد وصفه الله تعالى بالنكرة. ذكره القرطبيّ (?).

وقال أبو البقاء: أصل المتشابه أن يكون بين اثنين، فإذا اجتمعت الأشياء المتشابهة، كان كل منها مشابها للآخر، فصح وصفها بأنها متشابهة، وليس المراد أن الآية وحدها متشابهة في نفسها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015