ضمير "هما" لما وقع به التكليف مع قطع النظر عن العدد، وإنما ثُنّي نظرًا إلى كون ذلك في الواقع اثنتين، فحصلت الفائدة في الإخبار باسم العدد، وهذا مثل ما قالوا في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} الآية [النساء: 176]. ويحتمل أن يقال: "اثنتان" تمهيد لما هو الخبر، والخبر في الواقع ما هو المبدل من "اثنتان"، وهما الكلام والهدي، وعلى الوجوه تأنيث "اثنتان" نظرًا إلى أنهما حُجّتان. انتهى كلام السنديّ (?).

(الْكَلَامُ) بالرفع على البدليّة، أو على خبر لمحذف: أي أحدهما الكلام والهدي، ويحتمل النصب على أنه مفعول لفعل مقدّر: أي أعني الكلامَ وَالْهَدْيَ.

(فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ) الفاء فصيحيّة: أي إذا عرفت أن الأمر لا يتعديّ اثنتين، وأردت تفصيلهما فأقول لك: أحسن الكلام كلام الله سبحانه وتعالى، وهو معنى قوله عز وجل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الآية [الزمر: 23] (وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ) -صلى الله عليه وسلم-، وقد سبق قريبًا أن "الهدي" ضُبط بوجهين: بفتح، فسكون آخره ياء، أو بضم، ففتح مقصورًا، و (أَلا) أداة استفتاح، وتنبيه على تأكيد مضمون الكلام عند المتكلّم (?) (وَإِيَّاكُم وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف: أي الأمور المحدثة (فَإِنَّ) الفاء للتعليل: أي لأن (شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا) هو بتقدير "من" التبعيضيّة: أي إنها من شرّ الأمور، وإلا فإن بعض الأمور مثلُ الشرك شرّ من كثير من المحدثات (وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) تقدم شرح هاتين الجملتين (أَلا لا) ناهية (يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ) أي الأجل، أي لا يُلقِيَنَّ الشيطان في قلوبكم طول البقاء، فتقسو قلوبكم. وفي بعض النسخ "الأمل"، وطوله تابع لطول الأجل، وفي طولهما، ونسيان الموت تأثير يتبع في قسوة القلوب. وقوله: (فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ) بالنصب على أنه جواب النهي، كما قال في "الخلاصة":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015