فمنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يَحُثُّ على قيام رمضان، ويُرَغِّب فيه، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعاتٍ متفرقةً ووُحْدانًا، وهو -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بأصحابه في رمضان ليلةً، ثم امتنع من ذلك مُعَلِّلا بأنه خَشِيَ أن يُكتَب عليهم، فيَعجَزُوا عن القيام به، وهذا قد أُمِن بعده -صلى الله عليه وسلم- (?).
ورُوِي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر (?).
ومنها: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر باتباع سنة خلفائه الراشدين، وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين، فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر، وعثمان، وعليّ -رضي الله عنهم-.
ومن ذلك أذان الجمعة الأول زاده عثمان -رضي الله عنه- لحاجة الناس إليه، وأقرّه عليّ، واستمر عمل المسلمين عليه.
ورُوِيَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: هو بدعة. قال ابن رجب: ولعله أراد ما أراد أبوه في قيام شهر رمضان.
ومن ذلك جَمْعُ المصحف في كتاب واحد، توقف فيه زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، وقال لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: كيف تفعلان ما لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم عَلِمَ أنه مصلحة، فوافق على جَمْعه (?)، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بكتابة الوحي، ولا فرق بين أن يُكتَب مُفَرقًا أو مجموعا، بل جَمْعُهُ صار أصلح.
وكذلك جَمْعُ عثمان -رضي الله عنه- الأمة على مصحف واحد، وإعدامه لِمَا خالفه؛ خشيةَ تفرق الأمة، وقد استحسنه عليّ، وأكثر الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان ذلك عينَ المصلحة.
وكذلك قتال مَن مَنَعَ الزكاةَ توقف فيه عمر وغيره، حتى بَيَّن له أبو بكر أصله الذي يَرجِع إليه من الشريعة، فوافقه الناس على ذلك.