(وَجِلَتْ) -بفتح، فكسر-: أي خافت وخشعت، يقال: وَجِل كفَرِحَ يوجَل بالفتح، ويَيْجلُ، وياجَل ويِيجَل بكسر أوله وَجلَا وموجَلًا بفتح الجيم، كمَقْعَد. أفاده في "القاموس" (مِنْهَا الْقُلُوبُ) بالرفع على الفاعليّة لـ"وجل": أي خافت من أجل تلك الموعظة البليغة قلوب الحاضرين؛ لتأثيرها في النفوس، واستيلاء سلطان الخشية عليها (وَذَرَفَت) بفتح الراء: أي دمعت، يقال: ذَرَف الدمع يَذْرِف ذَرْفًا، وذَرَفَانًا، وذُروفًا، وذَرِيفًا، وتَذْرَافًا: سال، وعينُهُ: سال دمعها. قاله في "القاموس" (مِنْهَا الْعُيُونُ) بالرفع أيضًا على الفاعلية: أي سال منها الدمع، وإسناد الذَّرْف إلى العيون مع أن السائل دمعها، كإسناد الفيض إليها في قوله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} الآية [التوبة:92]، كأن أعينهم ذَرَفت مكان الدمع، ففيه من المبالغة ما لا يخفى.

والمقصود أنها أثّرت فيهم ظاهرًا وباطنًا.

ووقع في الرواية التالية تقديم قوله: "ذَرَفت منها العيون" على قوله: "وجِلَت منها القلوب"، قيل: فائدة تقديمه عليه مع أن الأولى تأخيره؛ للإشعار بأن الموعظة أثّرت فيهم، وأخذت بمجامعهم ظاهرًا وباطنًا. (?).

(فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ) بنصب "موعظة" على أنه مفعول مطلق نوعيّ، وإضافته إلى "المودع" وهو بتشديد الدال المهملة المكسورة، اسم فاعل من ودعّ توديعًا: إذا شيّعه عند سفره، أي كأنك تودّعنا بهذه الموعظة حيث بالغت فيها، وفائدة هذا القيد أن المودِّع -بالكسر- لا يترك عند الوَداع شيئًا مما يُهِمّ المُوَدَّع -بالفتح- ويفتقر إليه إلا ويورده، ويستقصي فيه (?).

(فَاعْهَدْ) بفتح الهاء أمر من العَهْد بمعنى الوصيّة، والفاء فصيحيّة، أي إذا كان الأمر كذلك فمرنا بما فيه كمال صلاحنا. وقوله (إِلَيْنَا بِعَهْدٍ) متعلّق بما قبله: أي أَوْصِنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015