والتخويف، لا من البلاغة المفسّرة بوجازة اللفظ، وكثرة المعنى مع البيان؛ لعدم المناسبة بالمقام. قاله في "المرعاة" (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "البلاغة الخ" فيه نظر، أيّ مانع من إرادة البلاغة بالمعنى الثاني، بل هو أقرب؛ لأن المبالغة بالإنذار والتخويف يوجد بها، كما هو أسلوب القرآن الكريم، فإن البلاغة هي التعبير عن المعنى الصحيح بما طابقه من اللفظ الرائق من غير مزيد على المقصود، ولا انتقاص عنه في البيان. ومعنى بلاغة الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته، ومعنى مقتضى الحال أن يعبر بالتنكير في محله، وبالتعريف في محلّه، وما أشبه ذلك. قاله الكفويّ. انتهى (?).

وقال في "اللسان": البلاغة: الفصاحة، ورجلٌ بَلِيغٌ -بفتح، فكسر- وبَلْغٌ -بفتح، فسكون- وبِلْغٌ -بكسر، فسكون-: حسنُ الكلام، فصيحه، يَبْلُغُ بعيارة لسانه كُنْهَ ما في قلبه، والجمع بُلغاء. انتهى (?).

ومما لا شكّ فيه أن موعظته -صلى الله عليه وسلم- مشتملة على البلاغة بمعناها اللغويّ، والاصطلاحيّ، فلا وجه لإنكار تفسير قوله: "بليغة" بهذا المعنى، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: البلاغة في الموعظة مستحسنة؛ لأنها أقرب إلى قبول القلوب، واستجلابها، والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة، وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة، من الألفاظ الدالة عليها، وأفصحِها، وأحلاهما للأسماع، وأوقعِها في القلوب. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015