ويحتمل ما في الحديث أن يكون بمعنى الرأي، فيكون ظنّا من قولهم: رأيت كذا، أي ظهر لي، وعليهما يكون المقصود بالذمّ الذي في الحديث: المعتمد للكذب علمًا أو ظنّا.

وأما يُرَى بالضمّ فهو مبنيّ لما لم يُسَمّ فاعله، ومعناها الظنّ، وإن كان أصلها مُعَدّى بالهمزة من رأى إلا أن استعماله في الظنّ أكثر وأشهر. انتهى (?).

(أَنَّهُ كَذِبٌ) في تأويل المصدر مفعول ثان لـ "يُرى"، والأول ضمير "من" (فَهُوَ أَحَدُ الَكَاذِبِينَ) -بكسر الباء، وفتح النون- على الجمع، وهذا هو المشهور في ضبطه، قال النووي: قال القاضي عياض: الرواية فيه عندنا "الكاذِبِينَ" على الجمع. ورواه أبو نعيم الأصبهانى في كتابه "المستخرج على صحيح مسلم" في حديث سمرة "الكاذبِيَنِ" -بفتح الباء، وكسر النون- على التثنية، واحتج به على أن الراوي له يُشارِك البادىء بهذا الكذب، ثم رواه أبو نعيم من رواية المغيرة "الكاذِبَينِ" أو "الكاذِبِينَ" على الشك في التثنية والجمع. انتهى (?).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى: قوله: "أحد الكاذبين" رويناه بكسر الباء على الجمع، فيكون معناه أنه أحد الكذّابين على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين قال الله تعالى في حقّهم: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} الآية [الزمر: 60]؛ لأن الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذب على الله تعالى. ورويناه أيضًا بفتح الباء على التثنية، ويكون معناه: أن المحدِّث والمحدَّث بما يَظنّان، أو يَعلمان كذبه كاذبان، هذا بما حدّث، والآخر بما تحمل من الكذب مع علمه، أو ظنّه لذلك (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015