المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الأثر:

(المسألة الأولى): في درجته:

أثر سعد بن مالك رضي الله تعالى عنه هذا صحيح، وقال البوصيريّ رحمه الله: هذا إسناد صحيح، موقوف. انتهى.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا وهو بهذا السياق من أفراده، فلم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره.

وأخرجه (البخاريّ) في "الجهاد"، و"المغازي" من وجه آخر عن السائب، وقد سبق لفظه آنفًا. و (الدارميّ) في "المقدمة" (281) والبيهقيّ في "كتاب الزكاة" "سننه" (4/ 106) من طريق ابن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، وفيه زيادة، ولفظه: قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: صحبت سعد بن أبي وقّاص زمانًا، فلم أسمعه يحدّث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا حديثًا واحدًا، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا يُفرّق بين مجتمع، ولا يُجمَع بين متفرّق في الصدقة، والخليطان ما اجتمع على الفحل، والراعي، والحوض. انتهى.

واستدلال المصنّف بهذا الأثر على ترجمته واضحٌ لأنه يدلّ على شدّة توقّي سعد -رضي الله عنه- عن التحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خشية من الزيادة والنقصان، والتصحيف، والتحريف، فيدخل في الوعيد الشديد لمن كذب على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ الكذب لا يشترط فيه التعمّد، بل يوجد خطأ ونسيانًا؛ لأن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمدًا، أم خطأ، والمخطىء والناسي وإن كانا غير آثمين بالإجماع، لكن قد يأثم بالإكثار، إذ الإكثار مظنّة الخطأ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015