الذي مثّله بالذّلول من الإبل، وبالمنكر منه الممثل بالصعب من الإبل. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله تعالى: هو مثالٌ حسنٌ، وأصل الصعب والذلول في الإبل، فالصعب الْعَسِرُ المرغوب عنه، والذَّلُول السَّهْلُ الطيّب المحبوب المرغوب فيه. فالمعنى: سلك الناس كلَّ مَسْلَك مما يُحمد ويُذمّ. انتهى (?).
وقوله: (فَهَيْهَاتَ) جواب "إذا": أي بَعُد أن نقبل أحاديثكم، ونحفظ اعتمادًا عليكم. وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: أي ما أبعد استقامة أمركم، أو فما أبعد أن نثق بحديثكم، ونسمع منكم، ونُعَوِّل على روايتكم. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه": قوله: "فهيهات": أي بَعُدت استقامتكم، أو بَعُد أن نثق بحديثكم.
و"هيهات": موضوعة لاستبعاد الشيء، واليأس منه. قال الإمام أبو الحسن الواحديّ: "هيهات": اسم سُمِّي به الفعل، وهو بَعُدَ في الخبر، لا في الأمر، قال: ومعنى "هيهات": بَعُدَ، وليس له اشتقاق، لأنه بمنزلة الأصوات، قال: وفيه زيادة معنى ليست في بَعُدَ، وهو أن المتكلم يخبر عن اعتقاده استبعاد ذلك الذي يخبر عن بعده، فكأنه بمنزلة قوله: بَعُد جِدّا، وما أبعده، لا على أن يعلم المخاطب مكان ذلك الشيء في البعد، ففي "هيهات" زيادة على "بَعُد"، وان كنا نفسره به، ويقال: هيهات ما قلتُ، وهيهات لِمَا قلتُ، وهيهات لك، وهيهات أنت.
وقال الواحدي: وفي معنى هيهات ثلاثة أقوال:
[أحدها]: أنه بمنزلة بَعُدَ، كما ذكرناه أولا، وهو قول أبي علي الفارسي، وغيره من حذاق النحويين.