وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه" (?). ثم أخرج من طريق بكير، عن عبد الملك بن سعيد، عن ابن عباس بن سهل، عن أُبَيّ، قال: إذا بلغكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يُعرف، وتلين له الجلود، فقد يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- الخير، ولا يقول إلا الخير". قال البيهقي: قال البخاري: وهذا أصح -يعني أصح من رواية من رواه عن أبي حميد، أو أبي أسيد-. وقد رواه ابن لهيعة عن بكير بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد، عن القاسم بن سهيل، عن أبي بن كعب، قال ذلك بمعناه، فصار الحديث المسند معلولًا، وعلى الأحوال كلها حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثابت عنه قريب من العقول، موافق للأصول، لا ينكره عَقْلُ من عَقَلَ عن الله الموضعَ الذي وُضِع به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من دينه، وما افتُرِض على الناس من طاعته، ولا يَنفِر منه قلب من اعتقد تصديقه فيما قال، واتباعه فيما حَكَم به، وكما هو جميلٌ حسنٌ من حيث الشرع، جميل في الأخلاق، حسن عند أولي الألباب. هذا هو المراد بما عسى يصح من ألفاظ هذه الأخبار.

ثم أخرج بسنده عن ابن عباس قال: إذا حدثتكم بحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم تجدوا تصديقه في الكتاب، أو هو حسن في أخلاق الناس، فأنا به كاذب. وأخرج عن علي: فإذا حدثتم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، فظُنُّوا به الذي هو أهدى، والذي هو أهنأ، والذي هو أتقى (?). قلت (?): والمعول عليه في معنى الحديث المورد أن تثبت ما أشار إليه الإمام الشافعي مما سبق أن السنة الثابتة ليست منافرة للقرآن، بل معاضدة له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015