الروح الأمين قد نَفَثَ في رُوعِي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب" (?). قال الشافعي: وليس تَعْدُو السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وضعت باختلاف من حكيتُ عنه من أهل العلم، وكل ما سَنَّ فقد ألزمنا الله تعالى اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود عن اتباعه معصيته التي لم يَعذِر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن نبيه مخرجا.
ثم قال البيهقي: "باب ما أمر الله به من طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والبيان أن طاعته طاعته" قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10]، وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]. قال الشافعي -رضي الله عنه-: فأعلمهم أن بيعة رسوله بيعته، وأن طاعته طاعته، فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] قال الشافعي: -فيما بلغنا، والله تعالى أعلم- نزلت هذه الآية في رجل خاصم الزبير في أرض، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بها للزبير، وهذا القضاء سنة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا حكم منصوص في القرآن. أخرج الشيخان عن عبد الله بن الزبير: أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير في شِرَاج الحَرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سَرِّح الماء يَمُرُّ، فأبى عليه الزبير، فاختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك"، فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك، فتَلَوَّن وجهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "يا زبير اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر"، فقال الزبير: والله إني لأحسب أن هذه