وينزل القرآن بغير ما قضى، فيستقبل حكم القرآن، ولا يرد قضاءه الأول.
واحتج من ذهب إلى أنه لم يَسُنّ إلا بأمر الله، إما بوحي ينزله عليه، فيتلى على الناس، أو برسالة ثابتة عن الله، أن افعل كذا بقوله -صلى الله عليه وسلم-، فيما رواه الشيخان في قصة الزاني: "لأقضين بينكم بكتاب الله" (?)، ثم قضى بالجلد والتغريب، وليس التغريب في القرآن. وبما أخرجه الشيخان عن يعلى بن أمية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بالجعرانة، فجاءه رجل، عليه جبة، متضمخ بطيب، وقد أحرم بعمرة، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة، بعد ما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ساعة، ثم سكت، فجاءه الوحي، فأنزل الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، ثم سُرِّى عنه، فقال: "أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟ أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك" (?). ثم أخرج البيهقي بسنده عن طاوس: أن عنده كتابا من العقول نزل به الوحي، وما فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صدقة وعقول، فإنما نزل به الوحي. وأخرج بسنده عن حسان بن عطية قال: "كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسنة، كما ينزل عليه بالقرآن، يعلمه إياها، كما يعلمه القرآن". أخرجه الدارمي. وأخرج بسنده من طريق القاسم بن مُخَيمِرة، عن طلحة بن فضيلة قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عامِ سنةٍ: سَعِّرْ لنا يا رسول الله، قال: "لا يسألني الله عن سُنَّةٍ أحدثتها فيكم لم يأمرني بها، ولكن اسألوا الله من فضله" (?). وأخرج بسنده عن المطلب بن حنطب: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت شيئا مما أمركم الله به، إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه، إلا وقد نهيتكم عنه، وأن