وكذلك حمل حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر في المدينة بلا خوف، ولا مطر"، مع احتمال الجمع الصوريّ على الجمع الحقيقي؛ مخالفة لإجماع الأمة، والنصّ الناطق: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وهكذا كلّ من خالف الإجماع من أهل الأهواء بظاهر النصوص من الْفِرَق الضّالّة، فهذا الحديث منطبقٌ عليه؛ لأنه أَوَّلَ النصّ على مراده، واللازم أن يُحمَل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما هو مناسبٌ لورعه وتقواه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حمل حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا على الجمع الصوريّ غير صحيح، ودعوى الإجماع على هذا باطلة؛ لأن حمله على الجمع الحقيقيّ مذهب بعض السلف، ومنهم ابن عبّاس الراوي له، فالحقّ جوازه لمن لا يتّخذه عادة، وقد حقّقت القول في ذلك فيما كتبته على النسائيّ، فراجعه تستفد. والله تعالى وليّ التوفيق.
قال: أو "فظُنُّوا" برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يَليق بشأنه من الهدى والتقى، فإنه لا يأمرنا إلا بالخير، وإن كان بعض الأمور مخالفًا للطبع والعادة؛ فإن النفس مجبولة على الشرّ، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الآية [البقرة: 216]. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلقّ بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا ضعيف؛ للانقطاع بين عون ابن عبد الله وابن مسعود -رضي الله عنه-، كما سبق بيانه، وهو صحيحٌ من حديث عليّ -رضي الله عنه- الآتي بعده، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (2/ 19) بهذا الإسناد فقط، وأخرجه (أحمد) في "مسند