(بِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- الَّذِي هُوَ (?) أَهْنَاهُ) أي الذي هو أوفق به من غيره، و"أهنأ" في الأصل بالهمزة اسم تفضيل من هنُأ الطعام بالهمزة: إذا ساغ، أو جاء بلا تَعَب، ولم يَعقُبه بلاءٌ، لكن قُلبت همزته ألفًا للازدواج والمشاكلة (وَأَهْدَاهُ) أي أليق بكمال هداه (وَأَتْقَاهُ) أي أنسب بكمال تقواه، وهو أن قوله صوابٌ، ونُصْحٌ، واجب العمل به؛ لكونه جاء به من عند الله تعالى، وبلّغه الناسَ بلا زيادة ولا نقصان.
و"أتقى" اسم تفضيل من الاتقاء على الشذوذ؛ لأن القياس بناء اسم التفضيل من الثلاثيّ المجرد، وهو مبنيّ على توهّم أن التاء حرف أصليّ. قاله السنديّ (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "من الاتّقاء على الشذوذ الخ" محلّ نظر؛ لأنه يقال: تَقَاه يَتْقِيه، كقَضَاه يَقْضِيه ثلاثيّا، قال في "القاموس": واتّقيتُ الشيءَ، وتَقَيْتُهُ أَتَّقِيهِ، وأَتْقِيهِ تُقًى وَتَقِيّةً، وتِقَاءً ككساءٍ: حذِرْتُهُ، والاسم التّقْوَى. انتهى.
فعلى هذا يكون أتقى اسم تفضيل قياسيّا، فليُتأمّل. والله تعالى أعلم.
وقال في "إنجاح الحاجة": قوله: "فظنّوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخ": أي فاقبلوه، واعزموا عليه، فإن الوجوه الممكنة في فعل من أفعاله، أو قول من أقواله متعدّدةٌ، أحسنها ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-، واستقرّ أمر الصحابة عليه. وتوضيح المقام أن الشارع ربّما يتكلّم بكلام يحتمل المعاني والوجوه، إما لعمومه، أو لاشتراكه، أو إجماله، أو مجازه (?)، فالذي في قلبه زيغٌ يتّبع ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله. مثلًا ورد {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]: أي كيف شئتم، فأحلّ الغبيّ الإتيان في الأدبار، وما تأمّل النهي الوارد عنه.