(لَا أُسَاكِنُكَ) أي لا أسكن معك (بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيها إِمْرَةٌ) بكسر الهمزة، وسكون الميم: أي ولاية (فَلَمَّا قَفَلَ) بقاف، ففاء، آخره لام، يقال: قَفَلَ من سفره قُفولًا، من باب قعد: إذا رجع. بقاف، ففاء مفتوحتين: أي رجع من تلك الغزوة (لَحِقَ بِالمدِينةِ) بكسر الحاء المهملة، يقال: لحق به، كسمِعَ، ولَحِقه لحقًا بفتح، فسكون، ولَحَاقًا بفتحتين: إذا أدركه، أفاده في "القاموس"، والمراد هنا أنه ذهب إلى المدينة تاركًا الشام (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ابْنُ الخطَّابِ) رضي الله تعالى عنه مستفسرًا سبب قدومه (مَا) اسم استفهام (أَقدَمَكَ يَا أَبا الوليدِ) أي أيّ شيء حملك على القدوم إلى المدينة بعد أن سكنت الشام، وأهلها محتاجون إلى علمك (فَقَصَّ عَلَيْهِ القِصَّةَ) أي التي جرت بينه وبين معاوية رضي الله تعالى عنهما في شأن بيع الذهب بالذهب، والفضّة بالفضّة نسيئة (وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ) أي وما قال عبادة لمعاوية أنه لا يساكنه بأرض له فيها عليه إمرة (فَقَالَ) عمر -رضي الله عنه- (ارْجِعْ يَا أَبا الْوَليدِ إِلَى أَرْضِكَ) يريد الشام؛ لأنها كانت مسكنه، حيث أرسله عمر -رضي الله عنه- إلى فلسطين يعلّم أهلها القرآن، كما سبق في ترجمته -رضي الله عنه- (فقَبَحَ الله أَرْضًا) أي أبعدها عن الخير، يقال: قبحه الله بتخفيف الباء الموحّدة، يقبحه، من باب منع: نحّاه عن الخير، فهو مقبوحٌ، وفي التنزيل العزيز: {هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} [القصص: 42] أي المبعَدين عن الفوز، ويجوز: قبّحه بالتثقيل مبالغة. أفاده الفيّوميّ (لَسْتَ فيِهَا وَأَمْثَالُكَ) بالرفع عطفًا على اسم "ليس"، وفيه العطف على الضمير المرفوع المتّصل بدون تأكيد بالضمير المنفصل، وهو جائزٌ؛ لوقوع الفصل بينهما بالجارّ والمجرور قال في "الخلاصة":
وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعِ مُتَّصِلْ ... عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنفَصِلْ
أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلاَ فَصْلٍ يَرِدْ ... في النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ
والنصب على المعيّة بعيد معنًى. قاله السنديّ.
والمعنى: الذين يشابهونك في العلم، والعمل، والدعوة إلى السنّة، ومجانبة من يخالفها (وَكتَبَ) أي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- (إِلَى معَاوِيَةَ) -رضي الله عنه- (لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ) أي لا يكون لك ولاية على عبادة -رضي الله عنه- (وَاحْمِلِ) بكسر الميم: أمر من الحمل (النَّاسَ عَلَى مَا قَال)