فسكون- كقِطع وقطعة وزنًا ومعنىً، والمراد أنهم يتبايعونها عددًا (وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَالَ) أي عبادة -رضي الله عنه- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا) أي لأنهم يتباعون الجنس بالجنس دون معرفة الوزن (سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لَا تَبْتَاعُوا) أي لا تشتروا، أو لا تبيعوا، لأن هذه المادّة تستعمل لهما، قالَ في "القاموس": باعه يبيعه بيعًا ومَبِيعًا: إذا باعه، وإذا اشتراه، ضدّ. انتهى. وقال في "المصباح": ابتاع زيد الدار: بمعنى اشتراها، وابتاعها لغيره: اشتراها له، وباع عليه القاضي: أي من غير رضاه. انتهى. (الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ) أي إلا متماثلين وزنًا (لَا زِيادَةَ بَيْنَهُمَا) أي لا تفضيل لأحدهما على الآخر (وَلَا نَظِرَةً) بفتح، فكسر: أي لا انتظار، ولا تأخير من أحد الطرفين (فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ) بن أبي سفيان (يَا أَبَا الْوَليدِ) كنية عبادة -رضي الله عنه- (لَا أَرَى الرِّبَا في هَذَا) أي لا أعتقد وجود الربا في هذا الذي يتعامل فيه الناس من بيع كسر الذهب بالدنانير، وكسر الفضّة بالدراهم، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى ما ذكره عبادة -رضي الله عنه- في قوله: "لا تبتاعوا الذهب بالذهب الخ (إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ) أي نسيئة، يعني أنه لا يرى الربا إلا في النسيئة، ولعل معاوية -رضي الله عنه- سمع حديث: "لا ربا إلا في النسيئة"، كما كان ابن عباس يرى ذلك، فقد أخرج الشيخان (?) من طريق عمرو بن دينار عن أبي صالح الزيات، أنه أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: "الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم"، قال: فقلت له: فإن ابن عباس لا يقوله، فقال أبو سعيد سألته، فقلت: سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو وجدته في كتاب الله؟ قال: كل ذلك لا أقول، وأنتم أعلم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- مني، ولكن أخبرني أسامة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ربا إلا في النسيئة".
(فَقَالَ عُبَادَةُ) -رضي الله عنه- منكرًا على معاوية -رضي الله عنه- لمّا خالف رأيه الحديث (أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ، لَئِنْ أَخْرَجَني الله) أي من أرض العدوّ، وهي الروم