(فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-) أي تغير، وهو كناية عن الغضب، زاد عبد الرحمن بن إسحاق في روايته: "حتى عرفنا أن قد ساءه ما قال". والمعني أن وجهه -صلى الله عليه وسلم- تغيّر من شدّة الغضب؛ لانتهاك حرمات النبوة، وقبح كلام هذا الإنسان.

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَا زُبَيْرُ اسْقِ) بالضبطين المتقدّمين (ثُمَّ احْبِسِ الماءَ) بكسر الباء الموحّدة: أمر من الحبس: أي أمسكه (حَتَّى يَرْجعَ إِلَى الجدْر) أي يصير إليه. قال النوويّ رحمه الله تعالى: أما الجدر فبفتح الجيم وكسرها، وبالدال المهملة، وهو: الجدار، وجمع الجدار جُدُر ككتاب وكتب، وجمع الْجَدْر جُدُور، كفلس وفلوس.

ومعنى يرجع التي الجدر: أي يصير اليه، والمراد بالجدر أصل الحائط. وقيل أصول الشجر، والصحيح الأول. وقدره العلماء أن يرتفع الماء في الأرض كلها حتى يبتل كعب رِجْلِ الإنسان، فلصاحب الأرض الأولى التي تلي الماء أن يحبس الماء في الأرض إلى هذا الحد، ثم يرسله إلى جاره الذي وراءه، وكان الزبير صاحب الأرض الأولى، فَأَدَلّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "اسق، ثم أرسل الماء إلى جارك": أي اسق شيئا يسيرًا، دون قدر حقك، ثم أرسله إلى جارك؛ إدلالًا على الزبير، ولعلمه بأنه يرضى بذلك، ويؤثر الإحسان إلى جاره، فلما قال الجار ما قال، أمره أن يأخذ جميع حقه. انتهى (?).

وقال في "الفتح": "الجدر" -بفتح الجيم، وسكون الدال المهملة- هو المُسَنّاة، وهو: ما وضع بين شَرَبَات النخل، كالجدار. وقيل: المراد الحواجز التي تَحْبِس الماء، وجزم به السهيلي. ويُروَى "الْجُدُر" بضم الدال، حكاه أبو موسى، وهو جمع جِدار. وقال ابن التين: ضُبِط في أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالسكون، وهو الذي في اللغة، وهو أصل الحائط. وقال القرطبي: لم يقع في الرواية إلا بالسكون، والمعنى أن يصل الماء إلى أصول النخل. قال: ويُروَى -بكسر الجيم-: وهو الجدار، والمراد به جُدران الشَّرَبَات التي في أصول النخل، فإنها تُرفَعُ، حتى تصير تشبه الجدار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015