وقال تعالى: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16].

وزاد في رواية البخاريّ: "فأمره بالمعروف"، وهي جملة معترضة من كلام الراوي، وقد أوضحه شعيب في روايته، حيث قال في آخره: "وكان قد أشار على الزبير برأي، فيه سعة له وللأنصاري"، وضبطه الكرماني: "فأَمِرَّهُ" -بكسر الميم، وتشديد الراء- على أنه فعل أمر من الإمرار، وهو محتمل.

(ثُمَّ أَرْسِلِ الماءَ إِلَى جَارِكَ، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ) -بفتح همزة "أَنْ"- وهي للتعليل، كأنه قال: حكمت له بالتقديم؛ لأجل أنه ابن عمتك، أي لأن أم الزبير: هي صفية بنت عبد المطلب، عمّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. وقال البيضاوي: يُحذف حرف الجر من "أَنْ" كثيرًا" تخفيفًا، والتقدير: لأن كان، أو بأن كان، ونحوهُ: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14]: أي لا تطعه لأجل ذلك. وحكى القرطبي تبعا لعياض أن همزة "أن" ممدودة، قال: لأنه استفهام على جهة إنكار. قال الحافظ: ولم يقع لنا في الرواية مَدٌّ، لكن يجوز حذف همزة الاستفهام. وحكى الكرماني: "إِنْ كان" -بكسر الهمزة- على أنها شرطية، والجواب محذوف. قال الحافظ: ولا أعرف هذه الرواية، نعم وقع في رواية عبد الرحمن بن إسحاق: فقال: "اعدِل يا رسول الله، وإن كان ابن عمتك"، والظاهر "أَنْ" هذه بالكسر، و"ابْنَ" بالنصب على الخبرية، ووقع في رواية معمر عند البخاريّ: "أنه ابن عمتك". قال ابن مالك: يجوز في "أنه" -بفتح الهمزة، وكسرها-؛ لأنها وقعت بعد كلام تام، معلل بمضمون ما صُدِّر بها، فإذا كُسرت قدر ما قبلها الفاءُ، وإذا فتحت قُدّر ما قبلها اللامُ، وبعضهم يقدر بعد الكلام المصدر بالمكسورة، مثل ما قبلها مقرونا بالفاء، فيقول في قوله مثلا: اضربه إنه مسيِء: اضربه إنه مسيء، فاضربه، ومن شواهده: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32] ولم يُقرأ هنا إلا بالكسر، وإن جاز الفتح في العربية، وقد ثبت الوجهان في قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28] قرأ نافع، والكسائي: {إِنَّهُ} بالفتح، والباقون بالكسر. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015