وفرح المسلمون به فرحًا شديدًا، وأن أول ما ولج بطنه ريق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث حنّكه، وأنه شرب دمه -صلى الله عليه وسلم-، فكان من أقوى الناس، وأشجعهم -رضي الله عنه-. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ) وفي رواة للبخاريّ من طريق ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة أنه حدّثه (أَنَّ) أخاه (عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ) رضي الله عنهما (حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ) قال الحافظ رحمه الله تعالى: هذا هو المشهور من رواية الليث بن سعد، عن ابن شهاب، وقد رواه ابن وهب، عن الليث ويونس جميعًا، عن ابن شهاب، أن عروة حدثه، عن أخيه عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام. أخرجه النسائي، وابن الجارود، والإسماعيلي. وكأن ابن وهب حَمَل رواية الليث، على رواية يونس، وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير. والله أعلم.
وأخرجه البخاريّ في "الصلح" من طريق شعيب، عن ابن شهاب، عن عروة ابن الزبير، عن الزبير بغير ذكر عبد الله. وقد أخرجه البخاريّ في الباب الذي يليه من طريق معمر، عن ابن شهاب، عن عروة مرسلًا، وأعاده في "التفسير" من وجه آخر عن معمر، وكذا أخرجه الطبري، من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا ابن شهاب، وأخرجه البخاريّ من رواية ابن جريج كذلك بالإرسال، لكن أخرجه الإسماعيلي، من وجه آخر عن ابن جريج كرواية شعيب التي ليس فيها "عن عبد الله".
وذكر الدارقطني في "العلل" أن ابن أبي عَتِيق، وعُمر بن سَعْد وافقا شعيبا وابن جريج، على قولهما: "عروة عن الزبير"، قال: وكذلك قال أحمد بن صالح، وحرملة، عن ابن وهب، قال: وكذلك قال شبيب بن سعيد، عن يونس، قال وهو المحفوظ.
قال الحافظ: وإنما صححه البخاري مع هذا الاختلاف؛ اعتمادا على صحة سماع عروة من أبيه، وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير، من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيفما دار فهو على ثقة، ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير، فداعية ولده متوفرة على ضبطه، وقد وافقه مسلم على تصحيح طريق الليث، التي ليس فيها ذكر الزبير.