وقال الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى في "بدائع الفوائد": اختلف الناس في جواز إطلاق السيّد على البشر، فمنعه قوم، ونُقل عن مالك، واحتجّوا بقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا قيل له: يا سيّدنا، قال: "السيّد الله تبارك وتعالى". وجوّزه قوم، واحتجّوا بقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- للأنصار: "قوموا إلى سيّدكم"، وهذا أصحّ من الحديث الأول، قال هؤلاء: السيّد أحد ما يُضاف إليه، فلا يقال: للتميميّ: سيّد كِنْدَةَ، ولا يقال: الملك سيّد البشر. قال: وعلى هذا فلا يجوز أن يُطلق على الله هذا الاسم. وهذا فيه نظر، فإن السيّد إذا أُطلق عليه تعالى، فهو في منزلة المالك، والمولى، والربّ، لا بمعنى الذي يُطلق على المخلوق. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن لفظ "السيّد" يجوز إطلاقه على الله تعالى؛ لحديث أبي داود المذكور، وهو حديث صحيح، ويجوز إطلاقه على المخلوق إذا لم يكن فاسقًا؛ للأحاديث المتقدّمة في كلام النوويّ رحمه الله تعالى.
وأما نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن قولهم: "يا سيّدنا" فهو من باب التحذير عن الْغُلُوّ في المدح، فالحديث صريح في ذلك، فقد أخرج أبو داود بسند جيّد، وصحّحه غير واحد -كما قال في "الفتح" (?) - عن عبد الله بن الشّخّير -رضي الله عنه- قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: أنت سيّدنا، فقال: "السيّد الله تبارك وتعالى"، قلنا: وأفضلنا فضلًا، وأعظمنا طَوْلًا، فقال: "قولوا: بقولكم -أو بعض قولكم- ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان" (?). والله تعالى أعلم بالصواب.
وقوله: (مُحَمَّدٍ) بالجرّ صفة لسيّد، أو عطف بيان له، أو بدلٌ، ويجوز قطعه إلى