(امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي) أي حديثي (فَبَلَّغَهَا) بالتشديد، من التبليغ، أي أوصل المقالة المسموعة إلى الناس، وعلّمهم إياها (فَرُبَّ) قال الطيبيّ: "رُبّ" وُضعت للتقليل، فاستعيرت في الحديث للتكثير، انتهى، وقيل: هي فيه حقيقة أيضًا (حَامِلِ فِقْهٍ) أي عِلْم.
قال السنديّ: هو بمنزلة التعليل لما يُفهم من الحديث أن التبليغ مطلوب، والمراد بحامل الفقه حافظ الأدلّة التي يُستنبط منها الفقه (غيرِ فَقِيهٍ) بالجرّ صفة لـ "حامل"، وقيل: بالرفع، فتقديره هو غيرُ فقيه، يعني أنه غير قادر على استنباط الفقه من تلك الأدلّة، لكن يحصل له الثواب بتبليغه؛ لنفعه بذلك (وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ) أي هو فقيه أيضًا، لكنه يحمل الفقه إلى أفقهَ منه، بأن كان الذي يسمع منه أفقه منه، وأقدر على الاستنباط، فيستنبط منه ما لا يفهمه الحامل، ففيه إشارة إلى فائدة النقل، والداعي إليه.
وقال الطيبيّ: قوله: "إلى من هو أفقه منه" صفة لمدخول "ربّ" استُغني بها عن جوابها، أي رب حامل فقه أدّاه إلى من هو أفقه منه لا يفقه ما يفقهه المحمول إليه. انتهى (?).
(زَادَ فِيهِ) أي في الحديث (عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ) الطنافسيّ الشيخ الثاني للمصنّف في هذا السند، وقوله: (ثَلَاثٌ إلخ) جملة محكيّة؛ لقصد لفظها، مفعول به لـ"زاد"، قال السنديّ: قوله: "ثلاث" أي خصالٌ ثلاثٌ، أو ثلاثُ خصالٍ، فالنكرةُ مخصوصةٌ بالإضافة، أو التوصيف، فصحّ وقوعها مبتدأٌ عند الكلّ. انتهى.
وقال القاضي البيضاويّ -رحمه الله تعالى-: قوله: "ثلاثٌ" استئناف تأكيد لما قبله، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا حَرّضَ على تعليم السنن ونشرها، قَفّاه بردّ ما عَسَى أن يعرِضَ مانعًا، وهو الغِلّ، من ثلاثة أوجه:
[أحدها]: أن تعلّم الشرائع ونقلها ينبغي أن يكون خالصًا لوجه الله تعالى، مبرأً