قال ابن المنيّر: محو العلم من الصدور جائز في القدرة، إلا أن هذا الحديث دلّ على عدم وقوعه. انتهى (?).
(وَجَمَعَ) النبي -صلى الله عليه وسلم- إشارةً إلى قرب أوان القبض؛ لما بينهما من الاتصال، أو جمع يشير بهما إلى كيفيّة الرفع إلى السماء بأن أشار بهما إلى جهة العلو. قاله السنديّ (?) (بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ) بكسر الهمزة، مع فتح الموحّدة، أفصح لغاتها العشر، وقد تقدّمت (الْوُسْطَى) بضم، فسكون: تأنيث الأوسط (وَالتِي تَلي الْإِبْهَامَ هَكَذَا) أشار به الراوي إلى كيفية الجمع (ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (الْعَالمُ وَالمتعَلِّمُ شَرِيكَانِ في الْأَجْرِ) لكون كلّ منهما ممن أراد الله به خيرًا، حيث يسّر له العلم، هذا بنشره بين الناس، وهذا بطلبه حتى يهتدي به، ويهدي به الناس (وَلَا خَيْرَ في سَائِرِ الناسِ) أي الذين لا يشتغلون بالعلم، نشرًا أو طلبًا، والمراد بالخير خير خاصٌّ، وهو الذي سبق أنه يناله العلماء بسبب العلم، وأما مطلق الخير الذي يناله أَيُّ مؤمن بإيمانه، وعمله الصالح فلا يراد هنا، فتنبّه. قال السنديّ -رحمه الله-: هو مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين"، فأشار إلى أن طالب الفقه كالفقيه، ومن لا فقه له، ولا طلب فلا خير له؛ لتنزيل الحرمان عن خير الفقه منزلة الحرمان عن مطلق الخير. انتهى (?).
وقال بعضهم: قوله: "ولا خير" أي كامل "في سائر الناس"، أي في باقي الناس بعد العالم والمتعلّم، وذلك لأن الخير كله في العلم وأهله، فمن لم يحصّله مع قدرته على تحصيله فلا خير فيه، بل لا يُعدّ من الناس، ولأن الخاصيّة التي يتميّز بها الإنسان عن سائر البهائم هو العلم والعمل، فالإنسان إنسان بما هو شريف لأجله، وليس ذلك الشرف بقوّة شخصه، فإن الجمل الذي ضُرب به المثل في عجيب خلقه أقوى منه، ولا