والسنة، كما سبق بيانه في الحديث الأول، ومن شروطه أن يقصد به وجه الله تعالى، وهو وإن كان شرطًا في كل عبادة، لكن عادة العلماء يقيّدون هذه المسألة به؛ لكونه قد يَتساهل فيه بعض الناس، ويغفُل عنه بعض المبتدئين ونحوهم.

8 - (ومنها): بيان استحباب الرحلة في طلب العلم، وقد ذهب موسى -عليه السلام- في طلب الخضر -عليه السلام- لذلك، فقال له: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس -رضي الله عنه- مسيرة شهر في حديث واحد، كما علّقه البخاريّ -رحمه الله- في "صحيحه" في "باب الخروج في طلب العلم"، وأخرج قصة موسى والخضر -عليهما السلام- في ذلك الباب. (ومنها): بيان فضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد.

قال النوويّ -رحمه الله-: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقال مالك: يكره، وتأوله بعض أصحابه، ويُلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة الاجتماع في مدرسة، ورباط، ونحوهما -إن شاء الله تعالى-، ويدلّ عليه إطلاقه في رواية لمسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنهما-، بلفظ: "لا يقعد قوم يذكرون الله -عز وجل- إلا حفهم الملائكة. . . ." الحديث، فإنه مطلق يتناول جميع المواضع، ويكون التقييد في الحديث الأول خرج مخرج الغالب، لاسيما في ذلك الزمان، فلا يكون له مفهوم يُعمل به. انتهى كلام النووي (?).

9 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ: فيه ما يدلّ على جواز تعليم القرآن في المساجد، أما للكبار الذين يتحفّظون بالمسجد فلا إشكال فيه، ولا يُختلف فيه، وأما الصغار الذين لا يتحفّظون بالمساجد، فلا يجوز؛ لأنه تعريض للمسجد للقذر والعبث، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015