كفعل الوضوء، والصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، وتوابعها، وشروطها، ومبطلاتها.
[والنوع الثالث]: علم المحرّمات الخمس التي اتّفقت عليها الشرائع، والرسل، والكتب الإلهيّة، وهي المذكورة في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، فهذه محرمات على كل أحد في كل حال على لسان كلّ رسول، لا تباح قطّ، ولهذا أتى فيها بـ"إنما" المفيدة للحصر مطلقًا، وغيرها محرّمٌ في وقت، مباح في غيره، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، ونحوه، فهذه ليست محرّمة على الإطلاق والدوام، فلم تدخل في التحريم المحصور المطلق.
[والنوع الرابع]: علم أحكام المعاشرة، والمعاملة التي تحصل بينه وبين الناس، خصوصًا وعمومًا، والواجب في هذا النوع يختلف باختلاف أحوال الناس، ومنازلهم، فليس الواجب على الإمام مع رعيّته، كالواجب على الرجل مع أهله وجيرانه، وليس الواجب على من نَصَبَ نفسه لأنواع التجارات من تعلّم أحكام البياعات، كالواجب على من لا يبيع ولا يشتري إلا ما تدعوا الحاجة إليه.
وتفصيل هذه الجملة لا ينضبط بحدّ؛ لاختلاف الناس في أسباب العلم بالواجب، وذلك يرجع إلى ثلاثة أصول: اعتقاد، وفعل، وترك، فالواجب في الاعتقاد مطابقته للحقّ في نفسه، والواجب في العمل معرفة موافقة حركات العبد الظاهرة والباطنة الاختياريّة للشرع أمرا وإباحة، والواجب في الترك معرفة موافقة الكفّ والسكون لمرضاة الله تعالى، وأن المطلوب منه إبقاء هذا الفعل على عدمه المستعمل، فلا يتحرّك في طلبه، أو كفّ النفس عن فعله على الطريقتين، وقد دخل في هذه الجملة عَلِمُ حركات القلوب والأبدان. انتهى كلام ابن القيّم -رحمه الله تعالى-، وهو بحثٌ نفيس جدّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.