فهمه، وكذا رواه أبو نعيم في "المستخرج".
وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يُذكَر عند العامة، ومثلُهُ قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما أنت محدثًا قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة"، رواه مسلم.
وممن كَرِهَ التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج علي السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب، ومِن قبلهم أبو هريرة -رضي الله عنه-، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حَفِظتُ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وِعَاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قُطِع هذا الْبُلْعُوم.
والمراد ما يقع من الفتن، ونحوُهُ عن حذيفة -رضي الله عنه-، وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس -رضي الله عنه- للحجاج بن يوسف الأمير المبير بقصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلةً إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي.
وضابط ذلك أن يكون ظاهرُ الحديث يُقَوّي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يُخْشَى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. والله تعالى أعلم.
انتهى ما في "الفتح" (?)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف، وهو ضعيف الإسناد جدًّا؛ لأن فيه حفص بن سليمان المقرىء الغاضريّ، وقد تقدّم (38/ 216) أنه متروك.
لكن قوله: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلم"، قد رُويت من طرق متعدّدة عن أنس -رضي الله عنه- يعضد بعضها بعضًا، فهو حسن.