وجعلها موصولةً لا يساعده المقام، قاله السنديّ (?) (فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-) عند رؤيته ذلك، مستبشرًا بزوال حاجة الرجل، وبمبادرة أصحابه إلى تنفيذ أمره، وإيثارهم بمالهم على أنفسهم، كما قاله - عز وجل -: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] (مَنْ اسْتَنَّ خَيْرًا) ببناء الفعل للفاعل، أي فَعَل فعلًا جميلًا (فَاسْتُن بهِ) بالبناء للمفعول، أي اقتُدي به في ذلك (كَانَ لَهُ أَجْر) أي أجر عمله (كَامِلًا، وَ) له أَجرٌ أيضًا (مِنْ أُجُورِ مَنْ اسْتَنَّ بِهِ) بالبناء للفاعل، أي اقتدى بفعله، والظاهر أن "من" ابتدائيّة، وليست تبعيضيّة، أو هي بيانيّة، والله تعالى أعلم (وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أجُورِهِم شَيْئًا) تقدّم وجه نصبه في الحديث الماضي فلا تغفل (وَمَنْ اسْتَنَّ) بالبناء للفاعل (سُنَّة سَيِّئَةً) أي فَعَلَ فعلًا قبيحًا (فَاسْتُنَّ بِهِ) بالبناء للمفعول (فَعَلَيْهِ وِزْره) أي إثم عمله (كَامِلًا، وَمنْ أَوْزَارِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ) بالبناء للفاعل (وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِم شَيْئًا) والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عنه هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (36/ 204) بهذا السند فقط، وهو من أفراده، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه (أحمد) في "مسنده" (2/ 520)، وفوائده تقدّمت في الحديث الماضي، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.