وأما الأحاديث الصحيحة، فلا يمكن ضبطها في هذا الباب، كما في "الصحيحين" عن زيد بن خالد الجهنيّ -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بأصحابه صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل، ثم قال: "أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا، ونوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب".
وفى الصحاح حديث الشفاعة: فيقول: كل من الرسل إذا أتوا إليه إن ربي قد غَضِب اليوم غضبًا لم يَغضَب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وهذا بيان أن الغضب حصل في ذلك اليوم لا قبله.
وفي "الصحيح": "إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات، كجَرِّ السلسلة على الصفوان"، فقوله: "إذا تكلم الله بالوحي سمع" يدل على أنه يتكلم به حين يسمعونه، وذلك ينفي كونه أزليًّا، وأيضًا فما يكون كجر السلسلة على الصفا، يكون شيئًا بعد شيء، والمسبوق بغيره لا يكون أزليا.
وكذلك في "الصحيح": "يقول الله: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين:
نصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال الله: هذه الآية بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 1 - 7] قال الله: هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل، فقد أخبر أن العبد إذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} قال الله: حمدني، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى عليّ عبدي الحديث.
وفي الصحاح: حديث النزول: "ينزل ربنا كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر،