وهو صفة الكلام؛ إذ قوله: "ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحقّ" صريح في أن الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يتكلّم بكلام مسموع لملائكته الكرام.
2 - (ومنها): بيان تواضع الملائكة، وشدّة خوفهم من الله تعالى، بحيث إنهم يضربون أجنحتهم؛ لشدّة الفزع ممّا سمعوه من كلام الله تعالى.
3 - (ومنها): إثبات صفة العلوّ والكبرياء لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.
4 - (ومنها): بيان استراق الشّياطين السمع لما يقضي الله تعالى من أمره في شأن أهل الأرض، حتّى يُلقوها إلى أوليائهم الكهان، والسحرة، فيُغووا به النَّاس.
5 - (ومنها): بيان ما عليه الكهّان والسحرة من إغواء النَّاس بالكذب والباطل؛ إذ صدق الكلمة الّتي سُمعت من السَّماء موّهت الكذبات الكثيرة، حيث إن العوام والغوغاء من النَّاس لا ينظرون إِلَّا صدق تلك الكلمة، فبذلك انتشر الباطل، وساد الضلال، وعمّ وطمّ، فلا حول ولا قوّة إِلَّا بالله العزيز الحكيم.
6 - (ومنها): إثبات معجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث أُرسلت الشهب على الشّياطين لمبعثه -صلى الله عليه وسلم-، حتّى لا يفسدوا وحي السَّماء، ويُلبّسوا على النَّاس الحقّ بالباطل.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا} [الجن: 8] الآيات: ما نصّه:
يُخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السَّماء مُلىت حرسًا شديدًا، وحُفظت من سائر أرجائها، وطُردت الشّياطين عن مقاعدها الّتي كانت تقعد فيها قبل ذلك؛ لئلا يسترقوا شيئا من القرآن، فيُلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر، ويختلط، ولا يُدرَى مَنِ الصادق؟ وهذا من لُطف الله تعالى بخلقه، ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز، ولهذا قال الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 8، 9]، أي مَنْ يروم أن يسترق السمع اليوم يجد له شهابًا مُرَصَّدًا له، لا يتخطاه ولا يتعداه، بل يَمْحَقه