هو مثل قوله في بدء الوحي: "صَلْصَلةٌ كصلصلة الجَرَس، وهو صوت الملك بالوحي، وقد رَوَى ابن مَرْدَوَيه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- رَفَعَهُ: "إذا تكلم الله بالوحي، يسمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيفزعون، ويَرَون أنه من أمر السّاعة، وقرأ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} الآية، وأصله عند أبي داود وغيره وعلقه البخاريّ موقوفًا، قال الخطابي: الصَّلْصَلةُ صوت الحديد إذا تحرك وتداخل.
قال الحافظ: وكأنّ الرِّواية وقعت له بالصاد، وأراد أن التشبيه في الموضعين بمعنى واحد، فالذي في بدء الوحي هذا، والذي هنا جَرُّ السلسلة من الحديد على الصفوان الّذي هو الحجر الأملس، يكون الصوت الناشيء عنهما سواء. انتهى.
(عَلَى صَفْوَانٍ) بفتح، فسكون: هو الحجر الأَمْلَسُ، زاد في رواية البخاريّ في "سورة الحجر" عن علي بن عبد الله: قال غيره -يعني غير سفيان- "ينفذهم ذلك"، وفي حديث ابن عبّاس عند ابن مردويه من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عنه: "فلا يَنْزِل على أهل سماء إِلَّا صعِقُوا"، وعند مسلم والترمذي، من طريق على بن الحسين بن علي، عن ابن عبّاس، عن رجال من الأنصار، أنهم كانوا عند النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَرُمِيَ بنجم فاستنار، فقال: "ما كنتم تقولون لهذا إذا رُمِي به في الجاهلية؟ " قالوا: كنا نقول: مات عظيم، أو يولد عظيم، فقال: "إنها لا يُرْمَى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن رَبُّنَا إذا قضى أمرًا سَبَّحَ حملةُ العرش، ثمّ سَبَّح أهلُ السَّماء الذين يلونهم، حتّى يبلغ التسبيح سماءَ الدنيا، ثمّ يقولون لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ ... " الحديث، وليس عند التّرمذيّ: "عن رجال من الأنصار".
(فَـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أي كُشِف عنهم الفزع وأُزيل (قَالُوا) أي قال بعض الملائكة لبعضهم (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ) - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - (قَالُوا) أي الملائكة المقرّبون، كجبريل عليه السلام، فقد أخرج أبو داود في "سننه" عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تكلم الله بالوحي، سمِعَ أهلُ السماء للسماء صَلْصَلةً كجَرِّ السلسلة على