أحدهما الآخر، يدخلان الجنّة"، زاد في رواية مسلم من طريق همام، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "قالوا: كيف يا رسول الله؟ ".
(يُقَاتِلُ هَذَا في سَبِيلِ الله فَيُسْتَشْهَدُ) بالبناء للمفعول، أي يُقتل شهيدًا، زاد في رواية هَمّام: "فَيَلِجُ الجنَّة".
قال أبو عمر ابن عبد البرّ رحمه الله: معنى هذا الحديث عند أهل العلم أن القاتل الأوّل كان كافرًا.
قال الحافظ رحمه الله: وهو الّذي استنبطه البخاريّ في ترجمته -يعني قوله: "باب الكافر يَقتُل المسلم، ثمّ يسلم إلخ"- ولكن لا مانع أن يكون مسلمًا؛ لعموم قوله: "ثمّ يتوب الله على القاتل"، كما لو قَتَلَ مسلم مسلمًا عمدًا بلا شبهة، ثمّ تاب القاتل، واستُشهِد في سبيل الله، وإنّما يَمْنَع دخول مثل هذا مَنْ يذهب إلى أن قاتل المسلم لا تقبل له توبة.
قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الأخير تردّه رواية المصنّف: "ثُمَّ يَتُوبُ الله عَلَى قَاتِلِهِ، فَيُسْلِمُ"، وفي رواية همّام عند مسلم: "ثمّ يتوب الله على الآخر، فيَهْديه إلى الإسلام"، وأصرح من ذلك -كما قال الحافظ- ما أخرجه أحمد من طريق الزّهريُّ، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "قيل: كيف يا رسول الله؟ قال: يكون أحدهما كافرًا، فيَقْتُلُ الآخرَ، ثمّ يُسْلِم فيغزو، فيقْتَلُ".
(ثُمَّ يَتُوبُ الله عَلَى قَاتِلِهِ) أي قاتل هذا المسلم (فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ في سَبِيلِ الله فَيُسْتَشْهَدُ) ولفظ هَمّام: "فيهديه إلى الإسلام، ثمّ يجاهد في سبيل الله، فيُسْتَشهد"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.