أصحابه في الغار، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل.

وقال ابن إسحاق: حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآنا: "بَلِّغُوا عَنّا قومنا أنا قد لقينا رَبَّنَا، فرضي عنّا، ورضينا عنه"، ثمّ نُسِخت فرفعت بعدَ ما قرأناها زمانًا، وأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].

وأخرج مسلم في "صحيحه": عن مسروق قال: إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية؟: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، فقال: أَمَا إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فقال: "أرواحهم في جَوْف طير خُضْرٍ، لها قناديل مُعَلَّقة بالعرش، تَسْرَح من الجنَّة حيث شاءت، ثمّ تَأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلَعَ عليهم ربهم اطّلاعةً، فقال: هل تشتهون شيئًا، فقالوا: أيَّ شيء نشتهي، ونحن نَسْرَح من الجنَّة حيث شئنا، ففَعَلَ ذلك بهم ثلاث مرّات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يُسألوا، قالوا: يا رب نريد أن تَرُدَّ أرواحنا في أجسادنا حتّى نُقتَل في سبيلك مرّة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُرِكوا.

وقد روي نحوه من حديث أنس وأبي سعيد.

وأخرج أحمد بسنده عن إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد، عن أبي الزُّبير المكي، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لمّا أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خُضْرٍ، تَرِدُ أنهار الجنَّة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وَجَدُوا طيب مأكلهم ومشربهم، وحسن مَقِيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا؛ لئلا يَزْهَدوا في الجهاد، ولا يَنكُلُوا عن الحرب، فقال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: أنا أُبَلِّغهم عنكم، فأنزل الله هذه الآيات: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وما بعدها.

قال ابن كثير: وهكذا رواه أحمد، ورواه ابن جرير عن يونس، عن ابن وهب، عن إسماعيل بن عَيّاش، عن محمّد بن إسحاق به، ورواه أبو داود، والحاكم في "مستدركه"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015