الدنيا، فأقاتل مع نبيك، وأقتل فيك مرّة أخرى، قال: إنّه سَلَفَ مني أنه إليها لا يرجع".

وأخرج الإمام أحمد بسنده عن عبد الله بن محمّد بن عَقِيل، عن جابر، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعلمتَ أن الله أحيى أباك، فقال له: تَمَنَّ، فقال له: أُرَدُّ إلى الدنيا، فأقتل فيك مرّة أخرى، قال: إنِّي قضيت أنهم إليها لا يرجعون".

قال الحافظ ابن كثير: تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما أن أبا جابر قُتِل يوم أحد شهيدا.

وقال البخاريّ رحمه الله: وقال أبو الوليد عن شعبة، عن ابن المنكدر: سمعت جابرًا قال: لمّا قُتل أبي جعلت أبكي، وأكشف الثّوب عن وجهه، فجعل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهوني، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَنْهَ، فقال النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تبكه -أو ما تبكيه- ما زالت الملائكة تُظله بأجنحتها حتّى رُفِعَ".

وقد أسنده هو ومسلم، والنَّسائيّ من طريق آخر عن شعبة، عن محمّد بن المكندر، عن جابر، قال: لمّا قُتل أبي يوم أحد، جعلت أكشف الثّوب عن وجهه، وأبكي ... وذكر تمامه بنحوه.

وقد جاء في سبب نزول الآية غير هذا، فقد أخرج الإمام محمّد بن جرير الطّبريّ في "تفسيره" بسنده عن إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين أرسلهم نبي الله إلى أهل بئر معونة قال: لا أدري أربعين، أو سبعين، وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى أتوا غارًا مشرفًا على الماء، فقعدوا فيه، ثمّ قال بعضهم لبعض: أيكم يبلغ رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل هذا الماء؛ فقال -أُراه ابن ملحان الأنصاري-: أنا أبلغ رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَخَرَجَ حتّى أتى حول بيتهم، فاختبأ أمام البيوت، ثمّ قال: يا أهل بئر معونة إنِّي رسول رسول الله إليكم، إنِّي أشهد أن لا إله إِلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فآمِنوا بالله ورسوله، فخرج إليه رجل من كِسَرِ البيت برمح فضربه في جنبه، حتّى خرج من الشق الآخر، فقال: الله أكبر فُزْت وربِّ الكعبة، فاتَّبَعُوا أَثَرَه حتّى أتوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015