قال الحافظ رحمه الله: واحتج المعتزلي بأن السمع يَنشَأ عن وصول الهواء المسموع إلى العصب المفروش في أصل الصماخ، والله مُنَزَّه عن الجوارح.

وأجيب بأنها عادة أجراها الله تعالى فيمن يكون حيًّا، فيخلقه الله عند وصول الهواء إلى المحل المذكور، والله -عَزَّ وَجَلَّ- يسمع المسموعات بدون الوسائط، وكذا يرى المرئيّات بدون المقابلة، وخروج الشعاع، فذات الباري مع كونه حيًّا موجودًا لا تشبه الذوات، فكذلك صفات ذاته لا تُشبه الصفات.

وقال البيهقي في "الأسماء والصفات": السميع مَنْ له سمع يُدرك به المسموعات، والبصير من له بصر يدرك به المرئيات، وكل منهما في حق الباري صفة قائمة بذاته، وقد أفادت الآية، وأحاديث الباب الرَّدِّ على من زعم أنه سميع بصير بمعنى عليم، ثمّ ساق حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الّذي أخرجه أبو داود بسند قوي على شرط مسلم، من رواية أبي يونس، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: رأيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقرؤها -يعني قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} - إلى قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}، ويضع إصبعه، قال أبو يونس: وضع أبو هريرة إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه، قال البيهقي: وأراد بهذه الإشارة تحقيق إثبات السمع والبصر لله ببيان محلهما من الإنسان، يريد أن له سمعًا وبصرًا، لا أن المراد به العلم، فلو كان كذلك لأشار إلى القلب؛ لأنه محل العلم، ولم يُرد بذلك الجارحة، فإن الله تعالى مُنَزَّه عن مشابهة المخلوقين، ثمّ ذكر لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- شاهدًا من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر: "إن رَبَّنَا سميع بصير"، وأشار إلى عينيه، وسنده حسن. ذكره في "الفتح" (?).

قلت: ولتمام البحث في الحديث راجع "شرح النَّسائيّ" في "باب الظهار"، تستفد 29/ 71 - 72.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015