وقال أيضًا: حَدَّثَنَا ابن عبد الرحيم، حَدَّثَنَا عمر بن أبي سلمة، سمعت زهيرًا، عمن سمع أبا العالية، حَدَّثَنَا أُبي بن كعب أنه سأل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال: "الحسنى الجنَّة، والزيادة النظر إلى وجه الله -عَزَّ وَجَلَّ-"، ورواه ابن أبي حاتم أيضًا من حديث زهير به. انتهى (?).

("إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجنَّةِ الجُنّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ) أي ملك بأمر الله -عَزَّ وَجَلَّ- (يَا أَهْلَ الجنَّةِ) أي يقول: "يا أهل الجنَّة"، فهو تفسير للنداء (إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ الله مَوْعِدًا، يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ) بضمّ أوله من الإنجاز، وهو الإيفاء، أي يُوفِيكم، ويعطيكم إياه (فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ؟ أَلمْ يُثَقِّل اللهُّ مَوَازِينَنَا؟) من التثقيل، وفيه إشارة إلى أنهم ينسون الوعد بالرؤية، وأن الله تعالى يُزيل عن قلوبهم الحرص، ويُعطيهم ما لا يَطمعون المزيد عليه، ويُرضيهم بفضله (?).

وقال القرطبيّ: قوله: "ألم يُبَيِّضْ وجوهنا إلخ" هذا لا يليق بمن مات على كمال المعرفة والمحبّة والشوق، وإنّما يليق ذلك بمن مات بين الخوف والرجاء، فلما حصل على الأمن من المخوف، والظفَر بالمرجوّ الّذي كان تشوّق إليه قَنِعَ به، ولَهَا عن غيره، وأما من مات محبًّا لله، مشتاقا لرؤيته، فلا يكون همّه إِلَّا طلب النظر لوجهه الكريم لا غيرُ، ويدلُّ على صحّة ما قلته أن المرْء يُحشر على ما يموت عليه، كما عُلم من الشّريعة، بل أقول: إن من مات مشتاقًا لرؤية الله تعالى لا يُنبَّه بالسؤال، بل يُعطيه أمنيّته ذو الفضل والإفضال، ومذهب أهل السنة بأجمعهم أن الله تعالى ينظر إليه المؤمنون في الآخرة بأبصارهم، كما نطق بذلك الكتاب، وأجمع عليه سلف الأمة، ورواه بضعة عشر من الصّحابة -رضي الله عنهم- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومنع ذلك فِرَقٌ من المبتدعة، منهم المعتزلة، والخوارج، وبعض المرجئة؛ بناءً منهم على أن الرؤية يلزمها شروط اعتقدوها عقليّة، كاشتراط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015