الواو في رواية المصنّف لا ترتّب، فتُحمل على رواية مسلم بـ "ثُمّ"، فتأمل.
ثمّ إن تفسير الآية الكريمة بهذا الحديث هو الصّحيح، وقد فُسّرت بما هو أعمّ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
يُخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح الحسنى في الدَّار الآخرة، كقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، وقوله تعالى: {وَزِيَادَةٌ} هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وزيادة على ذلك أيضًا، ويشمل ما يُعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، فإنّه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه، لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته، وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن أبي بكر الصديق، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عبّاس، وسعيد بن المسيَّب، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى، وعبد الرّحمن ابن سابط، ومجاهد، وعكرمة، وعامر بن سعد، وعطاء، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسُّدّيّ، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم من السلف والخلف، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثمّ أورد حديث صهيب -رضي الله عنه- من رواية الإمام أحمد، ثمّ قال: وهكذا رواه مسلم، وجماعة من الأئمة من حديث حماد بن سلمة به. وقال ابن جرير: حدثني يونس، أَخْبَرَنَا ابن وهب، أَخْبَرَنَا شبيب، عن أبان، عن أبي تميمة الْهُجَيمي أنه سمع أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنَّة، بصوت يَسمع أولهم وآخرهم، إن الله وعدكم الحسنى وزيادة، فالحسنى الجنَّة، والزيادة النظر إلى وجه الرّحمن -عَزَّ وَجَلَّ-"، ورواه أيضًا ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر الُهذَلِيُّ، عن أبي تميمة الهجيمي به.
وقال ابن جرير أيضًا: حَدَّثَنَا ابن حميد، حَدَّثَنَا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن كعب بن عُجرة -رضي الله عنه-، عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال: "النظر إلى وجه الرّحمن -عَزَّ وَجَلَّ-".