مؤخّر، والجملة خبر "جنّتان"، وكذلك إعراب قوله: (وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُما وَمَا فِيهِما) وفي رواية حماد بن سلمة عن ثابت البنانيّ، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، قال حماد: لا أعلمه إِلَّا قد رفعه قال: "جنتان من ذهب للمقربين، ومن دونهما جنتان من ورِقٍ لأصحاب اليمين"، أخرجه الطّبريّ، وابن أبي حاتم، ورجاله ثقات.
قال الحافظ: وفي رَدّ على ما حكيته عن التّرمذيّ الحكيم أن المراد بقوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} الدنوّ، لا أنهما دون الجنتين المذكورين قبلهما، وصرح جماعة بأن الأوليين أفضل من الأخريين، وعكس بعض المفسرين، والحديث حجة للأولين.
قال الطّبريّ: اختُلف في قوله: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} فقال بعضهم: معناه في الدرجة، وقال آخرون: معناه في الفضل.
وقوله: "جنتان" إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}، وتفسير له.
[فإن قلت]: هذا يدلّ على أن الجنتين من ذهب لا فضّة فيهما، وبالعكس، ويعارضه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قلنا: يا رسول الله حَدَّثنا عن الجنَّة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة ... " الحديث، أخرجه أحمد، والترمذيّ، وصححه ابن حبّان، وله شاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه الطبرانيّ، وسنده حسن، وآخر عن أبي سعيد له، أخرجه البزار، ولفظه: "خَلَقَ الله الجنَّة لبنةً من ذهب، ولبنة من فضة ... " الحديث.
[وأجيب]: بأنه يُجمَع بأن الأوّل صفة ما في كلّ جنة من آنية وغيرها، والثّاني صفة حوائط الجنان كلها، ويؤيده أنه وقع عند البيهقي في "البعث" في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: "إن الله أحاط حائط الجنَّة لبنةً من ذهب، ولبنة من فضة" (?). والله تعالى أعلم بالصواب.
(وَمَا) نافية (بَيْنَ الْقَوْمِ) أي أهل الجنّة (وَبَين أَنْ يَنْظروا إِلَى رَبِّهِمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-