تفسيره بالجانب- مجاز في حقّ الله تعالى كما يقال: فلان في كَنَف فلان، أي في حمايته وكَلاءته. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الكلام نظرٌ من وجهين:
[الأوّل]: أن المراد هنا بالكنف هو الحجاب والستر؛ لكونه جاء في الرِّواية الأخرى بهذا اللّفظ، كما سبق بيانه آنفًا، والروايات يفسّر بعضها بعضًا، وأخرج الحديث البخاريّ في كتابه "خلق أفعال العباد" من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمّد ابن سواء، عن قتادة، ثمّ قال في آخر الحديث: قال عبد الله بن المبارك: كنفه ستره. قاله في "الفتح" (?).
[والثّاني]: أنه قال في "القاموس": أنت في كَنَف الله تعالى مُحَرَّكَةً: في حِرْزه وسِتْره، وهو الجانب، والظلّ، والناحية. انتهى (?).
فإذا ثبت لغة إطلاق الكنف على الجانب، فالحقّ إبقاؤه على ظاهره وحقيقته؛ إذ لا حاجة إلى المجاز، كسائر الصفات من السمع، والبصر، والكلام، والرضا، والغضب، والاستواء، والنّزول، ونحوها ممّا وردت به النصّوص الصحيحة، فنثبتها كلها على الوجه اللائق به -عَزَّ وَجَلَّ- من غير تعطيل، ولا تحريف، ومن غير تمثيل، ولا تكييف، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
والحكمة في وضع الكنف عليه ستره عن أهل الموقف حتّى لا يطّلع على سرّه غيره. والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال في "الفتح": ومن رواه "كتفه" بالمثنّاة المكسورة، فقد صحّف على ما جزم به جمع من العلماء. انتهى (?).