ذنوب من أَمَرَ أهله بإحراقه بعد الموت حين أيس من المغفرة، فليُتأمّل. انتهى كلام السنديّ، وهو بحث نفسٌ، والله تعالى أعلم.
" (وَقُرْبِ غِيَرِهِ") بكسر الغين المعجمة، وفتح التحتانيّة المثنّاة، اسم من قولك: غَيَّرتُ الشيءَ، قاله في "النهاية"، ونحوه في "الصحاح" (?).
وقال السنديّ رحمه الله: ضُبط بكسر الغين المعجمة، ففتح ياء بمعنى فقير الحال، وهو اسم من قولك غَيَّرتُ الشيءَ، فتغيّر حاله من القوّة إلى الضعف، ومن الحياة إلى الموت، وهذه الأحوال ممّا تجلُبُ الرّحمة لا محالة في الشّاهد، فكيف لا تكون أسبابًا عاديّة لجلبها من أرحم الراحمين جلّ ذكره وثناؤه، والأقرب أن الْغيرَ بمعنى تغيير الحال، وتحويله، وبه تُشعر عبارة "القاموس"، لا تغيُّره وتحوّله كما في "النهاية"، والضمير لله، والمعنى أنه تعالى يضحك من أن العبد يصير مأيوسًا من الخير بأدنى شرّ وقع عليه مع قرب تغييره تعالى الحالَ من شرّ إلى خير، ومن مرض إلى عافية، ومن بلاء ومِحْنَة إلى سُرور وفَرْحَة، لكن الضحك على هذا لا يمكن تفسيره بالرضا. انتهى.
قال الجامع عفا لله تعالى عنه: عندي في كلام السنديّ هذا نظر من وجوه:
أما أوّلًا: فإن قوله: "وبه تشعر عبارة "القاموس" إلخ غير صحيح؛ إذ عبارته تفيد عكس ما ادّعاه، ودونكها، قال: ص 409 "وتغيّر عن حاله: تحوّل، وغَيَّرَه: جعله غيرَ ما كان، وحَوَّله، وبدَّلَهُ، والاسم الْغَيْرُ، أي بفتح، فسكون. انتهى، ونحوه في "اللسان" 5/ 40 قال: و"الْغَيْرُ" الاسم من التغيّر، عن اللحيانيّ، وأنشد:
إِذْ أَنَا مَغْلُوبٌ قَلِيلُ الغَيْرِ. انتهى باختصار.
فأفاد أن ضبطه بفتح، فسكون، وأنه بمعنى التغيّر، لا بمعنى التغيير، كما ادّعاه السنديّ، فتأمّل.
وأما ثانيّا: فلأنّ عبارة "النهاية" تفيد أنه "الغير" بكسر ففتح بمعنى التغيير، لا