قُتِل الحارث في سنة ثمان وعشرين في خلافة مروان الحمار، فيقال: إن الجهم قُتِل في المعركة، ويقال: بل أُسِر فأَمَرَ نصر بن سيار سَلْمَ بن أحوز بقتله، فادعى جهم الأمانَ، فقال له سلم: لو كنت في بطني لشققته حتى أقتلك فقتله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن صالح مولى بني هاشم قال: قال سلم حين أخذه: يا جهم إني لست أقتلك لأنك قاتلتني، أنت عندي أحقر من ذلك، ولكني سمعتك تتكلم بكلامٍ أعطيتُ الله عهدًا أن لا أملكك إلا قتلتك فقتله. ومن طريق معتمر بن سليمان، عن خلاد الطُّفاوي: بلغ سلم بن أحوز، وكان على شُرطة خراسان أن جهم بن صفوان ينكر أن الله كَلَّم موسى تكليمًا فقتله. ومن طريق بكير بن معروف قال: رأيت سلم بن أحوز حين ضرب عنق جهم، فاسودّ وجه جهم.
وأسند أبو القاسم اللالكائي في "كتاب السنة" له أن قتل جهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، والمعتمد ما ذكره الطبري أنه كان في سنة ثمان وعشرين.
وذكر ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن رحمة صاحب أبي إسحاق الفزاري أن قصة جهم كانت سنة ثلاثين ومائة، وهذا يمكن حمله على جبر الكسر، أو على أن قتل جهم تراخى عن قتل الحارث بن سُريج، وأما قول الكرماني: إن قتل جهم كان في خلافة هشام بن عبد الملك فوهم؛ لأن خروج الحارث بن سُريج الذي كان جهم كاتبه، كان بعد ذلك، ولعل مستند الكرماني ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق صالح بن أحمد ابن حنبل قال: قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى نصر بن سيار عام خراسان: أما بعد "فقد نجم قِبَلك رجل يقال له: جهم من الدهرية، فإن ظَفِرت به فاقتله، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون قتله وقع في زمن هشام، وإن كان ظهور مقالته وقع قبل ذلك، حتى كاتب فيه هشام، والله أعلم.
وقال ابن حزم في كتاب "الملل والنِّحَل": فِرَقُ المقرين بملة الإسلام خمس: أهلُ السنة، ثم المعتزلة، ومنهم القدرية، ثم المرجئة، ومنهم الجهمية والكرامية، ثم الرافضة، ومنهم الشيعة، ثم الخوارج، ومنهم الأزارقة والإباضية، ثم افترقوا فِرَقًا كثيرة، فأكثر